أثر العنف الأسري على الأطفال بالغ الخطورة، لما ينتج عنه في المستقبل من جرائم عدة في حق أنفسهم وفي حق من حولهم، والآباء هم مَنْ سيحاسبون على ذلك عاجلًا أم آجلًا، لذا فيجب علينا الإحاطة جيدًا بما هو أثر ذلك العنف وأشكاله المختلفة، وكيف يمكننا تفاديه، وسنتعرف إلى ذلك سويًا عبر موقع سوبر بابا من خلال عرض أثر العنف الأسري على الأطفال.

أثر العنف الأسري على الأطفال pdf

إن العنف الأسري هو ظاهرة مجتمعية باتت منتشرة بصورة كبيرة بين مختلف المجتمعات سواء أكانت مجتمعات عربية أو أجنبية، وذلك مع الأسف يرجع إلى جهل مفهوم العنف الأسري لدى الكثير من المجتمعات، ويتعاملون معه على أنه أسلوب تربوي يهدف إلى تنشئة أطفال ذوي أخلاق كريمة، ولكن هذا بالطبع خطأ شنيع.

لذا لا بد علينا جميعًا أن نعلم جيدًا ماهية العنف الأسري وأشكاله المختلفة، ولا بد أن نعي جيدًا أن ذلك العنف الأسري أشبه ما يكون بدائرة مغلقة ذات آثار جسيمة على كل أفراد الأسرة، وبالتالي على المجتمع بأكمله.

فكما تعلمون أن الأسرة هي المؤسسة المجتمعية الأولى التي يترعرع فيها الطفل، كما أنها لبنة في ذلك المجتمع، وإن فسدت تلك اللبنة لن يتم أبدًا بناء المجتمع بالصورة المرجوة.

لكننا الآن سنختص بالحديث عن أثر العنف الأسري على الأطفال بأنواعه المختلفة لتدركوا مدى خطورة ذلك الأمر على صحة أطفالكم العقلية والنفسية والجسدية.

أما بعد أن نذكر لكم جميع تلك الآثار الجسيمة، سنتطرق إلى الحديث عن ماهية العنف الأسري وأنواعه المختلفة، وكيفية القضاء عليه وبالتالي القضاء على آثاره البشعة، كل هذا وأكثر سنتعرف إليه عبر تناولنا أثر العنف الأسري على الأطفال الذي سنوضحه لكم من خلال الفقرات القادمة:

و يمكنك أيضًا الحصول على هذه الإرشادات PDF من خلال الرابط التالي: أثر العنف الأسري على الأطفال pdf

1ـ الآثار العقلية التي تنجم عن العنف الأسري   

كما ذكرنا لكم مُسبقًا أن أثر العنف الأسري على الأطفال أمر خطير للغاية، والآن سنوضح لكم الآثار العقلية الناتجة عن ذلك العنف، حيث إن مظاهر العنف الأسري تؤثر بصورة كبيرة على النمو الطبيعي للدماغ، وبالتالي يؤثر على مستوى ذكاء الطفل وقدرته على التركيز والاستيعاب، مما ينتج عنه تأخر ملحوظ في في الدراسة وضعف شديد في الانتباه إلى مختلف الأمور.

اقرأ أيضًا: اختبارات اكتشاف مواهب الأطفال

2ـ آثار العنف الأسري الجسدية

لن نتحدث هنا عن آثار العنف الأسري الجسدية الناجمة عن الضرب أو ما شابه ذلك، وإنما سننبهم إلى أمر أعمق من ذلك بكثير ألا وهو أن الضغوط التي يتعرض لها الطفل إثر ذلك العنف تُحدث بشكل خفي تغيرات بيولوجية تؤثر بصورة تراكمية على العمليات الحيوية داخل جسم الطفل، وتستهدف بشكل أخص الجهاز المناعي للطفل.

ونحن لسنا بحاجة إلى أن ننبهكم إلى مدى أهمية ذلك الجهاز، فبالطبع جميعنا يعلم أن الجهاز المناعي هو الدرع الواقي في جسد الإنسان ضد مختلف الأمراض، فإن استمريتم في ممارسة ذلك العنف فأنتم بذلك الجُناة على أطفالكم، وأنتم الذين تتسببون في إصابتهم بالعديد من الأمراض، فلا تلوموا إلا أنفسكم.

كما أن ذلك العنف الجسدي يمكن أن يؤدي إلى إصابة أبنائكم بالأمراض القلبية، ومشكلات في التمثيل الغذائي، ومن الممكن أيضًا أن يصاب الطفل بسكتة دماغية أو حتى الإصابة بالخرف، فاحذروا جيدًا من مدى خطورة ذلك الأمر.

3ـ العنف الأسري وآثاره النفسية على الأطفال   

بعد أن تعرفنا إلى نبذة عن الآثار العقلية والجسدية التي تظهر على الطفل بسبب العنف الأسري، دعونا نوضح لكم آثار ذلك العنف النفسية، وننوه هنا إلى أن تلك الآثار ذات أمد بعيد، حيث إنها تؤثر عليهم في مختلف المراحل العمرية، كما أنها يمكن أن تودي بحياتهم، ومن خلال النقاط التالية سنبرز لكم أهم تلك الآثار النفسية:

  • ضعف الثقة في النفس، مما ينتج عنه تأخر في جميع الأنشطة الحياتية والتعليمية.
  • الإصابة بالاضطرابات النفسية المختلفة مثل: القلق، وتقلب المزاج، واضطرابات السلوك، والاكتئاب، وغيرها من الاضطرابات النفسية المختلفة.
  • الإصابة بمرض التبول اللاإرادي.
  • وجود صعوبة في النوم تنتج عن الكوابيس التي يراها الطفل بسبب ذلك العنف.
  • حدوث خلل في القدرة على التواصل مع الآخرين.
  • ظهور مشكلات لغوية في عدم القدرة على التحدث بطلاقة، وذلك بالطبع ناتج عن ضعف الثقة بالنفس، والخوف الشديد من المجتمع.
  • فقد القدرة في التعبير عن النفس، وإبداء المشاعر الكامنة.
  • سيطرة شعور الغضب والعناد على الطفل، وبالطبع ذلك الشعور لا يتمكن من ممارسته إلا خارج المنزل أي يمكن أن يحدث في المدرسة أو الشارع على سبيل المثال.
  • تصرف الطفل بشكل عدواني مع زملائه وأخوته، وغيرهم من الأشخاص الذين يمكن أن يتعامل معهم.
  • التوجه إلى الإدمان، ويحدث ذلك خاصة في سن المراهقة، وذلك بالطبع سبيل للهرب من ذلك الوسط العنيف إلى وسط آخر يفقد فيه الوعي وهو غافل عن مدى خطورة ذلك عليه.
  • يمكن أن يساهم العنف في نشأة شخصية متمردة تتمثل في الرفض غير المبرر لمختلف الأمور، ومختلف القرارات وذلك دون إبداء أي أسباب منطقية لهذا الرفض، وهذا الأمر بالطبع يؤثر على حياة الطفل فيما بعد ويؤرقه كثيرًا.
  • الشعور الدائم بالتشاؤم، وعدم رؤية أي معنى جميل في الحياة.
  • الانطواء والشعور بالوحدة الذي يمكن أن يؤدي إلى نشوب أفكار انتحارية.

ما تم ذكره أعلاه مجموعة من أبرز الآثار النفسية الناجمة عن العنف الأسري على الأطفال، ويجب علينا أن نلفت انتباهكم إلى أن تلك الآثار النفسية تكون خفية إلى حد كبير خاصة أمام الآباء، وهنا تكمن خطورتها، فالآباء لا يلاحظون تلك المشكلات إلا بعد فوات الأوان.

لذا فإن أردتم أن تتجنبوا تلك الآثار الجسيمة، فعليكم أن تبتعدوا كل البعد عن أي مظهر من مظاهر العنف داخل الأسرة، فكما هو معروف عند الجميع أن الوقاية خير من العلاج.

ماهية العنف الأسري على الأطفال؟

بعد أن تعرفنا إلى أثر العنف الأسري على الأطفال بمختلف أنواعه سواء أكان العقلي أو الجسدي أو النفسي، وجب علينا الآن أن نوضح لكم ما يعنيه العنف الأسري، حيث إن العنف الأسري بصورة عامة هو الضرر الذي يلحق بأفراد الأسرة من قِبل بعضهم البعض، كأن يوجه الزوج الأذى إلى زوجته أو أبنائه، أو أن توجه الأم الأذى نحو أبنائها أو الإهانة إلى زوجها مثلًا.

أما عن العنف الأسري على الأطفال، فهو يعني تعرض الطفل إلى أسلوب عنيف من قبل الآباء بحجة التربية والتأديب، أو رؤية الطفل للعنف الواقع على الأم من قِبل الأب سواء بالضرب أو الإهانة اللفظية.

لذا يجب على الآباء أن يدركوا مدى خطورة ممارسة العنف على الأبناء، وأن يعوا جيدًا أن الضرب أو  الإهانة اللفظية أو الإهمال لا يصلحوا مطلقًا كأسس تربوية، حيث إن تلك الأساليب تعد من أساليب التنشئة المجتمعية السلبية التي أجريت عليها العديد من الأبحاث والدراسات التي تُثبت مدى فشل تلك الأساليب وآثارها الجسيمة على صحة الأطفال الجسدية والنفسية.

اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع الطفل العنيد وكثير الحركة

أنواع العنف الأسري على الأطفال  

في إطار حديثنا عن أثر العنف الأسري على الأطفال وماهية ذلك العنف، نجد أنه من الضروري معرفة أنواع العنف الأسري على الأطفال، حيث يمكننا تقسيم ذلك العنف إلى ثلاثة أنواع ألا وهي: العنف اللفظي والعنف العاطفي وأخيرًا العنف الجسدي، وسنوضح لكم كل نوع من هذه الأنواع بشيء من الإيجاز من خلال الفقرات القادمة:

1ـ العنف اللفظي

إن العنف اللفظي يتمثل في القول البذيء والسُباب الموجه إلى الأطفال بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فذلك الأمر ذو أثرٍ سلبي كبير، حيث إنه يجعل الطفل يفقد ثقته بنفسه، وينظر إلى نفسه نظرة سيئة تؤثر على صحته أسوأ تأثير.

كما يُمكن أن يتمثل العنف اللفظي في كلمات السخرية المهينة التي يمكن أن تكون على مظهر الطفل أو خلقته أو سلوكه أو غير ذلك من الأمور الأخرى، وهذه السخرية نهانا عنها الله بصورة واضحة في كتابه الكريم، حيث قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات: 11].

لذا لا بد أن تدركوا جيدًا مدى خطورة السخرية، ولا تستهينوا أبدًا بها، حتى لا تعرضوا أنفسكم وأبنائكم إلى أضرار كثيرة أنتم في غنى عنها.

اقرأ أيضًا: حل مشكلة الغيرة عند الأطفال

2ـ العنف العاطفي

إن العنف العاطفي أحد أنواع العنف الأسري على الأطفال، وهو المتمثل في إهمال الآباء لأبنائهم، وعدم التعبير عن الحب الكامن في قلوبهم، حيث إن الأبناء يكونون بحاجة كبيرة إلى الشعور بالحب والأمان من قِبل آبائهم، وهذا الشعور يمكن أن يتحقق بأساليب يسيرة للغاية.

تتمثل تلك الأساليب في قول الكلمات الرقيقة المفعمة بالحب، كما تتمثل في دعم الطفل معنويًا بقول “أحسنت”، “كنت رائع في فعل ذلك”، “أخطأت الآن، ولكن ذلك سيجعلك ألا تخطأ مرة أخرى فيما بعد”،  وغيرها من الجمل التحفيزية التي يكون الأبناء في أمسِ الحاجة إليها.

كما يمكنكم دعم الطفل ماديًا، وذلك يتمثل في عناق الأبناء وتقبيلهم، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن ذلك الأمر ذو آثار إيجابية عديدة، متمثلة في إفراز هرمونات معينة كهرمون الدوبامين المسئول عن الشعور بالسعادة.

كما يمكنكم تخصيص وقت معين لممارسة الأنشطة الترفيهية التي يُحبها أبناؤكم، كاللعب معهم أو قراءة قصة لهم أو حتى مشاهدة برنامجهم الكرتوني المفضل، فذلك سيعزز مشاعر الحب بينكم بصورة كبيرة، فلا تبخلوا على أبنائكم بمثل تلك الأمور، فأنتم مأواهم الأول والأخير.

3ـ العنف الجسدي  

لا شك أن العنف الجسدي هو من أسوأ أشكال العنف الأسري على الأطفال، ويعد جريمة شنيعة في حق أبنائكم، ولا يجب أبدًا على الآباء أن يلجؤوا إلى ذلك الأسلوب بأي عذر كان، حيث إنه لا يوجد عذر لمثل تلك الجريمة الشنعاء.

فمع الأسف يوجد الكثير من الآباء يمارسون أسلوب الضرب كأنه الأسلوب الأمثل في تربية الأبناء وتعليمهم الأخلاق الكريمة والسلوكيات القويمة، ولكن لا  يعلمون أن هذا الأمر يمكن أن يودي بحياة أبنائهم، ويُسبب لهم الأضرار الجسيمة التي أوضحناها لكم مُسبقُا أثناء ذكر أثر العنف الأسري على الأطفال.

اقرأ أيضًا: السرقة عند الأطفال في علم النفس

كيفية القضاء على العنف الأسري

لكي تتمكن المجتمعات من القضاء على ظاهر العنف الأسري لا بد أن تعمل جاهدة في نشر حملات التوعية التي تهتم بتوضيح ماهية العنف الأسري وأنواعه المختلفة وآثاره الخطيرة على الأطفال التي ستدمر حياتهم في المستقبل.

كما يمكن نشر حملات التوعية تلك في مؤسسات المجتمع المختلفة كالمدارس ودور العبادة والأندية الثقافية، وبالطبع في وسائل الإعلام المختلفة التي انتشرت في عصرنا ذاك مثل انتشار النار في الهشيم.

كما يمكن عمل مقاطع مرئية من قبل المتخصصين في علاج مشكلة العنف الأسري ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعية المختلفة كـ [Facebook – You Tube – Instagram] وغيرها من مواقع التواصل الأخرى.

يجب على كل أب وأم أن يدركوا جيدًا أثر العنف الأسري على الأطفال قبل فوات الأوان، فالأبناء نعمة كبيرة من الله عز وجل وأي تقصير في حقهم يعد خطأ جسيم ستحاسبون عليه لا محالة.