أزمة الكساد الكبير 1929 أو الانهيار الكبير أشهر أزمةٍ اقتصاديةٍ في القرن العشرين عصفت بالاقتصاد العالمي، وكانت ولا تزال الأزمة محل بحث بين الاقتصاديين لِما لأسبابها ونتائجها من تأثير كبير على خريطة العالم كله، وسيعرض هذا المقال في موقع سوبر بابا تفاصيل الأزمة وأحداثها.

أزمة الكساد الكبير 1929

الكساد الكبير أو الكساد العظيم وبالإنجليزية great depression هو أزمة عالمية أصابت دول العالم كله، فبدأت سنة 1929 في الولايات المتحدة واستمر حتى نهاية الثلاثينيات، وهي أكثر أزمة خانقة مدمرة في القرن العشرين.
بدأت الأزمة بالظهور يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من أكتوبر، وسُمي هذا اليوم بـ “الثلاثاء الأسود”، أما نشأتها تحديدًا فكانت يوم الرابع من سبتمبر، وذلك على إثر انخفاض أسعار الأسهم انخفاضا كبيرًا.

يوم الثلاثاء الأسود انهارت فيه بورصة وول ستريت للمرة الثانية تواليًا، إذ انهارت يوم الاثنين 24 أكتوبر، هذا الانهيار خوَّف العامة من دخول البلاد في انهيار، أو ركود اقتصادي.

لم يتشاءم الاقتصاديون وتفاءلوا عند ارتفاع مؤشر داون جونز الصناعي، وهذا المؤشر يمثل أكبر ثلاثين شركة اقتصادية في أمريكا، وهو أقدم مؤشر في العالم.

في سوق البورصة ارتفاع المؤشر يدل على سعر الشركات المساهمة في المؤشر في نفس اليوم، فارتفاع السهم يعني ارتفاع قِيَم الشركات في السوق لازدياد الطلب عليها، وانخفاضه يعني ركودٌ في السوق، فالمؤشر مرآة البيع والشراء وانعكاس لحركة السوق.

مؤشر داون جونز كان ولا يزال هو مقياس حركة التجارة في السوق، في 1932 انخفض المعدل إلى 41 نقطة، وهذا الانخفاض حينها كان كبيرًا جدًا، بل أكبر مما تتخيل… كان كارثة.

اقرأ أيضًا: دور السعودية في تحرير الكويت

أسباب الكساد الكبير 1929

بعد الحرب العالمية الأولى 1918 تغيرت سياسات العالم ولم يعد كما كان قبلها، فالحرب صعبت الحركة ونقل البضائع، وأوقفت المصانع، كما جعلت الدول تفرض قيودًا على المهاجرين، وتزيد الضرائب على السلع.

قدمت أمريكا بعد الحرب الدعم المادي للدول لتستطيع إعادة بناء نفسها من جديد، فأقرضت كثيرًا من الدول ملايين الدولارات، لتصبح الولايات المتحدة أكبر دائنٍ في العالم، ومن شدة سعيها في مساعدة العالم كثفت إنتاجها لتسد احتياجات الدول من السلع؛ لأن مصانع الدول دُمرت في أثناء الحرب العالمية الأولى.

لكن بعض الدول أعادت بناء المصانع وبدأت بالاكتفاء الذاتي، مما أدى إلى تكدس البضائع في أمريكا دون وجود مشترٍ لها، ففقدت قيمتها، ويُزاد على ذلك أن كثيرًا من الإنتاج يعتمد على الديون، يقترض المنتِج وبعد البيع يسد القرض، والبيع الآن توقف، فكيف سيسدد ديونه؟

الدول المقترضة لم تستطع استثمار النقود التي اقترضتها من أمريكا استثمارًا جيدًا، أو لنقل إنها لم تكن كافية لإعمار اقتصاد الدولة، مما أدى حتمًا لعجزها عن سد الديون، وأمريكا تريد نقودها لتنعش اقتصاد نفسها، فلا الدول المدينة تسد ديونها، ولا أكبر دائن في العالم استرد ديونه، فغرق الجميع في العجز الاقتصادي.

علامات الطامة الكُبرى

تأثر الاقتصاد في الولايات المتحدة بسبب قلة المال، فلم تدفع الدولة أجور العاملين، فلم يقدر العاملون على شراء احتياجاتهم الأساسية فضلًا عن الترفيهية، فاضطروا للاقتراض، والمقرِض لا يملك سلعًا كافية لجميع الناس أيضًا؛ لأن الدولة لا تستورد البضائع لفقرها، وحتى وإن كانت تملك المال؛ فالإنتاج متوقف في الدول الأخرى لأنها ما تزال تعاني من آثار الحرب، فضلًا عن أنها مدينة بالمال لأمريكا.

يومًا بعد يومٍ يقل الإنتاج أكثر فأكثر ويقل الطلب وتزيد الضرائب والديون والفوائد، ولا أحد يملك المال لفعل شيء، ولا شيء يمكن فعله لأن الجميع عاجز، فانقلب اقتصاد أمريكا أكبر دائن في العالم رأسًا على عَقِب، أمريكا التي كانت أقوى اقتصاد في العالم -وربما لا تزال- صارت ضعيفة ماليًا لا تقدر على إصلاح نفسها بعد أن كانت تدعم غيرها.

مرآة الاقتصاد هي البورصة، ونتيجة انهيار الاقتصاد انخفضت أسعار الأسهم دون توقف حتى فقدت الشركات أكثر من ثلث قيمتها، فأغلقت أغلب المصانع وأفلست البنوك وارتفع معدل البطالة في هذا العام 1930 ضعف معدله في العام السابق 1929.

نظريات تفسير أزمة الكساد الكبير 1929

للناس في أسباب وقوع أزمة الكساد الكبير 1929 نظريات كثيرة غير التي ذكرنا، أو أن الذي ذكرناه كان نتيجة سياسة الدولة الخاطئة في الاقتصاد، ومن النظريات التي كان يجب على الولايات المتحدة الأمريكية اتباعها ما يلي:

1- النظرية الكنزية

يرى الكثير أن الدولة لو اعتمدت على سياسة النظرية الكنزية فلن يكون للأزمة وجود، والنظرية الكنزية نسبة إلى مؤسسها جون مينارد كينز؛ هي الاقتصاد المختلط بين القطاعين العام والخاص، فيرى الاقتصاد الكنزي أنه كان على الحكومة لحل مشكلة الكساد العظيم تخفيض أسعار الفائدة ليتمكن المقترضون من تحقيق الأرباح، وتقليل الضرائب على المواطنين ليستطيعوا الشراء فيعود الإقبال على السلع.

إذن حقق المستثمرون وهم البائعون مثلا أرباحهم أو حتى ما يكفي لسد ديونهم والحفاظ على رأس المال والإبقاء على الموظفين، والدولة أيضًا رجع إليها مالها التي أقرضته، حتى ولو بدون فائدة مالية كبيرة؛ المهم في مثل هذه المراحل الحفاظ على الدولة من الانهيار.

الاقتصاد الكنزي لا يريد وضع القواعد المالية الصارمة والسياسات التي لا يمكن الخروج عنها، بل يحرص الكنزي على تغيير السياسات المالية وَفقًا للظروف، وفكرتهم سهلة: يجب على الحكومة تحمل العجز للحفاظ على وظائف الناس وأموالهم.

2- النظرية النقدية

يرى ميلتون فريدمان أنه يجب على الحكومة الاهتمام بالسيطرة على الأموال، وألا تختلط باقتصاد القطاع الخاص؛ لأن هذا يؤدي إلى التوسع المفرط في العرض المالي، أي إن للحكومة سعرًا وللقطاع الخاص سعرًا آخر، وهذا يسبب التضخم.

التضخم الارتفاع المفرط في الأسعار أو في الدخل أو في تكاليف الإنتاج أو في صناعة العملات النقدية، والتضخم من أسباب الكساد حسب ما تراه هذه النظرية؛ لاختلال التوازن بين الاستثمار والادخار، فيقل الدخل وتتراكم المنتجات وتزيد البطالة.

ترك الحكومة السوق للقطاع الخاص تسبب حسب رأي ميلتون وصاحبه آنا شوارتز في ارتفاع قيمة العملات مع هبوط أسعار السلع بنسبة 33%، وهذا أدى إلى شيئين: الأول اتجاه الناس لادخار أموالهم وتخزينها لأن الدولة لا تملك المال، والآخر التنافس بين القطاعات الخاصة في خفض أسعار المنتجات ليبيعوا في أسرع وقت فيستمر الإنتاج، هذه المنافسة الخاصة مع الديون التي لم تردها الدول مع قلة الطلب المحلي والعالمي أفقدت البنوك 35% من سيولتها.

سَمَّيا فقد السيولة “الانكماش العظيم”، ولم تتحرك الحكومة لضخ السيولة من الاحتياطي الفيدرالي الذي أنشِئ لمثل هذه الأزمات لمنع الاقتصاد من الانهيار، واعترف محافظ الاحتياطي الفيدرالي نفسُه بخطأهم حينئذ بقوله: “دعوني أنهي حديثي بالإساءة قليلًا إلى مكانتي ممثلًا للاحتياطي الفيدرالي؛ أود أن أقول لميلتون وآنا: بخصوص الكساد الكبير، أنتما على حق، نحن تسببنا به، نحن متأسفون جدا، لكن بفضلكما لن نتسبب به ثانية”

لمَ وقف الاحتياطي الفيدرالي مكتوف الأيدي؟ هل أراد زيادة أزمة الكساد الكبير 1929؟ بالتأكيد لا، بل بسبب “قاعدة الذهب” ولفهمها نذكر أن العالم في ذلك الوقت كان يربط النقود بالذهب، فقيمة العملات الورقية تٌحدد بقيمة الذهب، فسعر الذهب ثابت، على الدول أن تحول عملاتها إلى الذهب لتعرف قيمتها، فلئلا تفقد أمريكا قيمة نقودها يجب أن تغير قيمة الذهب، ولا يستطيع تغيير قيمته لوصوله إلى الحد الأقصى للائتمان.

3- النظرية الحديثة

هذه النظرية مزيج بين النظريتين المالية والكنزية، فيرون أن إصرار الحكومة على عدم خفض الفوائد والضرائب، وتركها السوق الخاص دون مواكبة الطلب المتزايد أدى إلى انهيار الاستثمار.

الأسباب الأخرى لتأزم الكساد أكثر فأكثر

يميل المختصون إلى الابتعاد عن القول بأن أزمة الكساد الكبير 1929 لها سبب واحدٌ أو سببان، ويتركون الترجيح بين النظريات والانتصار لواحدة على الأخرى، ويؤكدون أن أسباب الأزمة كثيرة، منها الحرب ومنها النظريات ومنها ما يأتي، فكل سبب أثَّر بطريقة أو بأخرى على بدء الأزمة أو انتشارها أو استمرارها، والأسباب الأخرى السائدة هي:

  • فرض قانون التعرفة الجمركية المعروف بتعرفة هاولي سموت، وهو قانون يقضي برفع الجمارك على الواردات أكثر من 50% وكانت مرتفعة بالفعل، لتصبح ثاني أعلى تعريفة جمركية في التاريخ بعد تعريفة عام 1828.
  • يرى الاقتصاديان كاتشنغز وفوستر أن التوزيع غير المتكافئ للثورة أدى إلى أزمة الكساد الكبير 1929، فإفراط الحكومة في الإنتاج دون النظر إلى معدل الاستهلاك، فمعدل الاستهلاك كان ضعيفًا لأن دخل الناس لم يكن كافيًا.
  • أزمة البنوك الألمانية 1931 كانت من أسباب الانهيار، والذي حصل في ألمانيا اضطرابٌ سياسي بسبب عنف النازيين والشيوعيين، جعل المستثمرين يسحبون نقودهم من البنوك، فأفلست وطلبت قرضًا طارئًا من أمريكا، لكن التمويل الطارئ هذا لم يوقف الأزمة وتفاقمت حتى وصل هتلر إلى السلطة.

اقرأ أيضًا: نظام انتقال الحكم في الكويت

المتهم الرئيس في الانهيار الاقتصادي

رئيس أمريكا في أثناء أزمة الكساد الكبير 1929 كان هربرت هوفر، كتب في سيرته الذاتية أن السبب في أزمة الكساد الكبير هو الحرب العالمية الأولى، وهو بكلامه هذا يدافع عن نفسه فقط، لأن السبب في الأزمة هو طريقة تعامله معها، بل إنه لم يفعل شيئًا على الإطلاق، قال روبرت واجنر: “فإنه في حال زيادة الضغوط لدرجة لا يمكن مقاومتها فإنه يقوم حينها باتخاذ أقل ما يمكن من الإجراءات”.

الحكومة وقتها كانت تستمر بتشجيع المواطنين على العمل الجماعي والتفاهم بالعبارات فقط، ولم تساعد الناس بالمال، لعل الشيء الوحيد الذي فعله هربرت هو إقناع أصحاب العمل بعدم طرد الموظفين أو خفض أجورهم، وافقوا في البداية لكن مع ازدياد الأزمة لم يطيقوا الصبر، حتى كبار القوم يفقدون وظائفهم، فالحزب الجمهوري تخلى عن 52 مقعدًا في مجلس النواب و 8 مقاعد في مجلس الشيوخ.

الآثار السيئة لأزمة الكساد الكبير 1929

الاقتصاد محرك الدول وأساسها، فهو يتحكم في جوها العالم وسياستها وعلاقتها مع غيرها ورياضاتها وأمنها واستقرارها، وانهيار الاقتصاد الكبير 1929 كان له آثار وخيمة، وهي:

  • ذهاب العاملين إلى الريف بحثًا عن العمل.
  • تقليل الفجوة بين الطبقة العاملة وبين الطبقة الوسطى.
  • تقليص المسافة بين الأغنياء والفقراء.
  • ارتفاع معدل البطالة لربع العمالة تقريبا، ففقد 11.5 مليون أمريكي أعمالهم، وحتى المحتفظون بأعمالهم انخفضت أجورهم.
  • سوء التغذية والتعليم.
  • انخفاض أسعار المزارع انخفاضًا حادًا.

التعافي من الأزمة

4 مارس 1933 كانت بداية إنقاذ البلاد من الأزمة، صوت الشعب لفرانكلين ديلانو روزفلت ليتولى رئاسة أمريكا ليبدأ رحلة إعادة بناء كل شبر من الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ روزفلت فورًا في إصلاح المال والزراعة والاقتصاد، بدأ تطبيق سياساته لإنعاش الاقتصاد، وتخفيف معاناة الشعب الأمريكي، فنما الاقتصاد الأمريكي من 1933 إلى 1940 بنسبة متوسطها 8 – 10%، وانخفضت معدلات البطالة عن المعدلات الضخمة.

بعد تولي روزفلت الرئاسة بيومين أمر البنوك بوقف تعاملات الذهب، ووافقه الكونجرس وأقر بصحة إجراءاته، وعيَّن حارسًا قضائيًا له سلطة إعادة تنظيم البنوك عند الضرورة، وطمأن الرئيس روزفلت الشعب عبر الراديو بقوله بعد أن شرح خططه وما أنجزه “آمل أن تروا من هذا الشرح البسيط لما تقوم به حكومتكم أنه لا يوجد شيء معقد أو راديكالي في العملية”.

في يوم 13 مارس فتحت البنوك أبوابها دون شروط أو قيود على نصفها، وعلى ربعها بقيود على عمليات السحب، ونظم عمل خُمُسها، ولم يفتح البقية وهم ألف بنك تقريبًا، فأنقذ البنوك في ثمانية أيام كما قال مستشاره رايموند مولي.

لحل مشكلة التضخم المرتبطة بالذهب رفع الاحتياطي الفيدرالي من فائدة عمليات سحب الذهب، فلن يسحب المستثمرون نقودهم لأن عوائدها مرتفعة، هذا الحل الأول، ثم أراد النظام الفيدرالي تقليل كمية النقود المتداولة، فرفع فوائد الاقتراض ليقلل الناس القروض، نعم هذا سيقلل الاستثمار والوظائف إلا أن المصرفيين فضلوا قاعدة الذهب على حل المشكلات الداخلية.

أصدر روزفلت أمرا بمنع الأمريكيين من شراء الذهب إلا بكميات قليلة، وألزمهم تبديل الذهب بالنقود من البنك الاحتياطي الفيدرالي، ليعيد التحكم في أسعاره بثبات ونظام، فتتحرك الدولة نحو عملة مستقرة، ليمنع الانتشار الكبير للتضخم، ومع أنه قال إن قليلًا من التضخم قد يكون مفيدًا، لكنه تضخم بقدرٍ صغير لمدةٍ محددة.

اضطراب سعر الدُولار

انخفضت قيمة الدولار فيما بعد، لكنه انخفاضه خدم روزفلت والشعب كله؛ لأن ثمن منتجات المزارع كالقطن والحبوب ارتفع، مما سهَّل على المزارعين تسديد ديونهم، والأهم أن المستثمرين الأجانب بدأوا يبدلون ذهبهم مقابل الدولار؛ لارتفاع قيمته وقتئذٍ.

سمح قانون الغوث والطوارئ لسنة 1932 لمؤسسة إعادة الإعمار بإقراض أمريكا 300 مليون دولار، هذا وإن كان قرضًا فإنه ساهم في إنشاء الكونجرس سلكَ الخدمة المدنية، الذي يهدف إلى دراسة أوضاع الرجال من سن 18 إلى 35 لإيجاد عمل مناسبٍ لهم.

كل هذا وغيره وأزمة الكساد الكبير 1929 لا تزال منتشرةً لم تنتهِ بعد، حتى جاء ربيع عام 1935 الذي منح فيه قانون غوث الطوارئ الرئيس خمسة مليارات للدعم، فأنشأ الطرق ووصل الكهرباء والصرف، وفعل كل ما ينفع المواطن، وللعلم فالقانون هذا يمنح الدول التي تسير اقتصاديًا وَفق خطة صحيحة واضحة فقط.

أنفق روزفلت المال العام لتوظيف المواطنين وتوجيههم لبناء بلدهم، وكان هدفه توظيف أكبر عدد من الأشخاص في أسرع وقت لتخفيض نسبة البطالة، لكنَّ توظيف المواطنين في الدولة لم يكن فعَّالًا لأن كثيرًا من الأعمال كانت للشركات الخاصة، فكان عمل الناس في الدولة بلا فائدة حقيقية لتدخل السياسة فيه وتوجيهه نحو أعمالٍ معينة تخدم الرأي العام فقط.

اقرأ أيضًا: شهداء السعودية في حرب الكويت

الكونغرس يتدخل لحل الأزمة

تدخل الكونجرس وألزم العاملين بقبول عروض القطاع الخاص، ومنع المهاجرين غير الشرعيين من العمل لصالح وكالة الغوث، ما فعله روزفلت لم يخرج الأمريكيين والعالم من الكساد فقط، بل أعاد لهم الثقة بأنفسهم، أحيا فيهم الأمل والنشاط والعمل، فتغير اقتصاد أمريكا للأبد، وتغير الأمريكيون أيضًا.

استمرت آثار الكساد حتى الحرب العالمية الثانية التي اعتبرها كثير من المؤرخين الاقتصاديين نهاية الكساد التام؛ لأن الدول اشترت من أمريكا الأسلحة والمواد الأساسية، فانتعش الاقتصاد الأمريكي، ففي نوفمبر سنة 1938 قال روزفلت لهنري مورجنثاو وزير الخزانة إن توجه العالم إلى الحرب مفيد للأمريكيين اقتصاديا وسياسيا.

استمرت الإصلاحات بالاعتماد على الأمريكيين وترك المساعدات الخارجية إلى يناير 1944 إذ ألقى روزفلت خطابًا يحث فيه الناس على مساعدته على وضع الخطط لكسب السلام والنجاح الدائم، وكتب وثيقة حقوق شملت العدل للجميع في حقوق الحياة، فانتهت أزمة الكساد الكبير 1929 بجهود وذكاء الرئيس وتعاون وصبر الأمريكيين.

رغم كل هذا فلم يتعلم العالم من الأزمة لأن في سبتمبر 2008 انفجرت أزمة مالية أخرى بدأت أيضًا في الولايات المتحدة وامتدت إلى العالم كله، ولا يزال العالم يعاني من آثارها إلى الآن.