أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة خصصه الله للعبادة وأداء شعائر روحانية للتقرب إلى المولى تعالى ونيل مرضاته، فمكة هي الأرض الطاهرة التي خصها الله بأداء مناسك ركن عظيم من أركان الدين الإسلامي الحنيف، لذا يوضح موقع سوبر بابا طبيعة أول بيت على وجه الأرض.

أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة

يعد بيت الله الحرام هو أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة المكرمة، ذلك البيت الذي جعله الله عز وجل ليقضي به الناس مناسك الحج والعمرة، والتعبد به، والمقصود بكلمة أول بيت هي الكعبة المشرفة أول البيوت التي بُنيت في شتى بقاع الأرض.

حيث قام سيدنا أدم عليه السلام ببنائه ثم هُدم بفعل طوفان سيدنا نوح عليه السلام، ثم قام بإعادة بنائه سيدنا إبراهيم عليه السلام، ليكون أصدق وأطهر البيوت المخصصة لعبادة المولى عز وجل، وقيل أيضًا أن الملائكة بنيت هذا البيت قبل نزول آدم عليه السلام إلى الأرض.

أكد الكثير من علماء الدين والمفسرين أن أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة هو بيت الله الحرام، وقد دل على ذلك قول الله تعالى في سورة آل عمران “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ” (96).

عن أبو ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ. قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ المَسْجِدُ الأقْصَى. قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أَرْبَعُونَ، ثُمَّ قالَ: حَيْثُما أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، والأرْضُ لكَ مَسْجِدٌ”.

جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة الشريفة قبلة المسلمين في تحقيق ركن الصلاة، وبيت مقدس للطواف حوله لتقديم الطاعة والفوز بالأجر والثواب من عند الله تعالى.

يحمي الله تعالى بيته الحرام على الأرض الذي يُعد أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة، فحينما أتى إبراهة الحبشي ليهدمه بالفيلة صده المولى تعالى، وذلك استنادًا لقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ” (5).

اقرأ أيضًا: من بنى أول مستشفى في الاسلام

أسماء الكعبة في القرآن

إن الكعبة الشريفة لها عدة أسماء ذُكرت في القرآن الكريم في آيات بينة تُشير إلى طهارة المكان ونقاءه من الدنس.

  • أول البيت: جاء ذكره في سورة آل عمران إشارة عن الكعبة، وكناية عن أسمائها المتعددة وكونها أول بيت وضع للناس على وجه الأرض بمكة.
  • البيت العتيق: يعد هذا الاسم من إحدى مسميات الكعبة والتي تعد إشارة عنها وقد دل على ذلك قول الله تعالى في سورة الحج “ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)”.
  • الكعبة: يعد هذا الاسم هو الاسم الأشهر والأكثر تداولًا بين ألسنة الناس والمعرف بيه بيت الله هي الكعبة الشريفة، فقال تعالى ” أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ..)
  • المسجد الحرام: من الأسماء التي يتم أطلاقها على الكعبة، لقوله تعالى في سورة المائدة “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ..).
  • البيت: تم ذكر صيغة البيت إشارة إلى الكعبة الشريفة، حيث إنها بيت الله الذي يتعبد الناس به في قول الله تعالى في سورة البقرة “وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)“.
  • البيت الحرام: من الأسماء التي تطلق على الكعبة في قوله تعالى في سورة إبراهيم “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)“.

بناء سيدنا إبراهيم للكعبة

تقع الكعبة في مكة المكرمة أقدس وأطهر مكان على وجه الأرض، حيث تعد مكة المدينة التي وُلد بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي مهد الدين الإسلامي الحنيف.

حيث يقوم الناس من جميع أنحاء العالم بالسفر إليها لزيارة بيت الله الحرام، لاحتوائها على أول بيت بُنيّ على الأرض.. يجب التنويه عن اختلاف الأقاويل عمن قام ببناء الكعبة أول مرة.

ليأتي القرآن الكريم مصدقًا على قول إن سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام هما أول من قاموا ببناء الكعبة الشريفة، وهما أول من وضعوا أركان وقواعد بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وقد دل على ذلك قول الله تعالى في سورة الحج” وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ” (26).  

عجز سيدنا إبراهيم عن تحديد قواعد البيت الأربعة، وما هو مكانها الصحيح، ليهديه الله عز وجل ويرسل له ريحًا مصورة بصورة حية على أرض الواقع لتحدد قواعد وأركان الكعبة الشريفة.

حتى أحل التعب على سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقد كان يجعل سيدنا إسماعيل هو من يحمل له الحجر المناسب، ثم يقوم سيدنا إبراهيم بوضعه.. لكن عندما كان يبحث سيدنا إسماعيل عن الحجر المناسب، رأى والده وهو يقوم بوضع الحجر الأسود مكانه، وقد سأله من أين أتيت بهذا الحجر؟

فقال إن جبريل عليه السلام قد أنزل عليه بهذا الحجر من السماء، وقام سيدنا إبراهيم بالوقوف على هذا الحجر ليكمل البناء ويرفعه، ليظل أثر قدمي سيدنا إبراهيم عليه السلام على الحجر، ليأمرنا الله عز وجل بأخذ هذا الحجر مُصلى ومقامًا.

قد دل على ذلك قول الله تعالى في سورة البقرة وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (127).

اقرأ أيضًا: من هو أول فدائي في الاسلام

مراحل بناء الكعبة

تم اكتمال بناء الكعبة على عديد من المراحل عبر العصور والأزمنة.. إذا أن طولها قد بلغ ثمانية أذرع وكانت بلا سقف يغطيها، ثم تم اكتمال بنائها وتطورها مرورًا بعدة مراحل.

أولًا: بناء قريش للكعبة قبيل الإسلام

تم إعادة بناء الكعبة الشريفة في عصر الجاهلية بعد عام الفيل بحوالي ثلاثون عام على يد قبيلة قريش، حيث كادت الكعبة تسقط بسبب نشوب حريق من قِبل سيدة من قريش.

أيضًا حدوث سيل نتج عنه تهشم أجزاء من الكعبة، لذلك قد قرروا أهل قريش بإعادة بناء الكعبة، ولكن وضعوا شرط أن من يريد بالمساهمة في إعادة بناء الكعبة أن يكون من ماله الحلال.

حيث شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة مع أهل قريش، كما أنه أشار عليهم بوضع الحجر الأسود سويًا في مكانه الصحيح، طور هذا البناء قليلًا في معالم الكعبة فقد بُني سقف للكعبة بعدما كانت بلا سقف في وقت بناء سيدنا إبراهيم عليه السلام لها.

قاموا أهل قريش بجعل الكعبة أكثر ارتفاعًا، وتم إغلاق أحد الأبواب، ورفع الباب الآخر عن الأرض.

ثانيًا: بناء عبد الله بن الزبير

قام عبد الله بن الزبير بن العوام بتجديد وإعادة بناء الكعبة مرة أخرى على غرار سيدنا إبراهيم، بعد أن تأثرت بصراعه مع يزيد بن معاوية، إذا أرسل يزيد جيش يقوم بمحاصرة عبد الله بن الزبير، وقاموا بإلقاء حجارة من المنجنيق داخل الكعبة، ونجم عن ذلك تحطم أجزاء منها.

ثالثًا: بناء الحجاج بن يوسف في العهد الأموي

كان عبد الله بن الزبير قد بدأ بتجديد بناء الكعبة على وضع السابق لها في البناء في وقت سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن قد دخل في خلاف مع الحجاج بن يوسف الثقفي، وقام الحجاج بالتغلب على عبد الله بن الزبير وأخذ الخلافة منه وبدأ العهد الأموي به، وقام الحجاج بن يوسف الثقفي باستكمال بناءها.

رابعًا: بناء السلطان مراد الرابع في العهد العثماني

قام الحاكم العثماني مراد خان حيث إنه كان الخلفية في العصر العثماني في هذا الوقت، بأمر بناء وترميم الكعبة بعد أن جاء طوفان كبير نجم عنه تساقط أجزاء من جدرانها واستغرق ذلك ستة أشهر.

خامسًا: في عهد الدولة السعودية

تم تجديد وترميم الكعبة على ثلاثة مراحل في عهد الدولة السعودية، إذا قام كل ملك بتغير وإضافة شيء جديد في عهده، ففي عهد الملك سعود تم إزالة السقف القديم للكعبة، وبناء سقف بديل له، بالإضافة إلى تجديد بعض أجزاءها.

في عهد الملك خالد بن عبد العزيز تم إعادة بناء باب الكعبة، وتم صنع هذا الباب من الذهب لأول مرة وقام بتنفيذ هذا الباب المهندس المصري منير الجندي.. في عهد الملك فهد أحدث تغيرات أيضًا، وتجديدات للكعبة بشكل كامل، ولكن حدث هذا التغير في داخلها.

اقرأ أيضًا: أول عملة إسلامية

مكونات ووصف الكعبة

تتكون الكعبة من ثلاثة عشر مُكون مختلف، حيث إنها تأخذ شكل حجرة كبيرة مربعة الشكل، ويبلغ ارتفاعها 15 متر، ولكل مكون منها أهميته، ومنافعه، وبركاته.

  • كساء الكعبة: تتكون كسوة الكعبة من اللون الأسود حاليًا، وكانت في العصور قبل الإسلام تتلون باللون الأحمر ثم الأخضر إلى أن قام الرسول صلى الله عليه وسلم بكسائها باللون الأبيض.
  • الحجر الأسود: من أكثر محتويات الكعبة شهرة، والذي يتهافت على الوصول إليه والمباركة بملامسته جميع الحجاج في موسم الحج، وذلك لما دل عنه في السنة النبوية على إنه أحد أحجار الجنة.
  • حجر إسماعيل: قديمًا قد تم تحطم جزء من الكعبة، وأنفصل عنه، وسمي هذا المكان باسم الحطيم ثم حجر إسماعيل، وهو يقع عند الجزء الشمالي من الكعبة، ويكون على شكل نصف دائرة.
  • مقام إبراهيم: هو المكان الذي بقي عليه أثر أقدام سيدنا إبراهيم عليه السلام، وذلك عندما وقف عليه أثناء رفعه لقواعد بناء بيت الله الحرام مع ابنه سيدنا إسماعيل.
  • ركن الحجر الأسود: هو الجزء الشرقي الذي يقع في الجهة الشرقية من الكعبة، والتي يوجد به الحجر الأسود، والركن الذي يبدأ عنده الإنسان بالطواف حول الكعبة.
  • الركن اليماني: انهار هذا الركن بفضل الزلازل قديمًا ثم تم إعادة ترميمه، وهذا الركن يقع يمين الكعبة المشرفة.
  • بابا الكعبة: يبلغ ارتفاع باب الكعبة حوالي ثلاثة أمتار، بينما عرضه يقل عن مترين، ويتم تزينه بالفضة والأحجار الكريمة والذهب.
  • الميزاب: هو مكان مفتوح تنزل من خلال الأمطار على الكعبة وتصل إلى حجر إسماعيل، ويطلق عليه ميزاب الرحمة.
  • الملتزم: هو من أكثر الأماكن التي يستجيب بها الدعاء، وهو المكان الواقع بين الحجر الأسود وباب الكعبة ويبلغ طوله حوالي مترين.
  • الشاذوران: عبارة عن قاعدة من الرخام تتخذ الشكل المائل تحيط بقاعدة الكعبة الشريفة من جميع الاتجاهات عدا باب الكعبة.
  • خط المرمر البني: هو خط يتم رسمه على الأرض يكون في اتجاه ركن الحجر الأسود، وذلك ليعرف المعتمرين والحجاج خد بداية الطواف من الكعبة.

إن أول بيت وضع للناس هي الكعبة المشرفة، وهي أهم وأقدس الأماكن الخاصة بالمسلمين، التي يتم بها إقامة شعائر الحج والعمرة.