أول ليلة في القبر تقشعر الأبدان لتفاصيلها، فهي التي يختبر بها العبد تفاصيل اللقاء الأول للحساب، أيكون أكثر رفقًا مع الصالح؟ أم أن العِباد سواسية؟ لكنّه بالنهاية يجب أن يعمل الإنسان صالحًا ليتمكن من المرور من فتنة القبر، وعبر سوبر بابا نُعرفك تفاصيل الدقائق الأولى به.

أول ليلة في القبر

حدثنا النبي -صلى الله عليه- وسلم كثيرًا عن القبر، والحساب الذي فيه، وأن الله تعالى يرزق من يشاء الأمن فيه، ويؤتي من يشاء العذاب.

لا أحد يستثنى من أهوال أول ليلة في القبر، الطفل والكبير، من كفر بالله ومن اصطلح حاله، إلا أنها لا تكون متشابهة بين جميع العباد، كلٌ حسب أعماله، ويمر العبد فيه بمراحل وخطوات كثيرة.

1- كلام القبر لك

بأول ليلة في القبر، بل الساعات الأولى.. يذهب الأبناء، زوجك وأحبابك ومن يشد عضدك في الدنيا، ويتركونك في هذا القبر وحيدًا، ليتحدث هو إليك، فإذا كان العبد صالحًا يقول له مرحبًا وأهلًا، وإذا كان عاصيًا يقول لا مرحبًا ولا أهلًا.

2- ضم القبر لجسد ابن آدم

يجزع الإنسان إذا ما حدّثه القبر، ولا ينفك تهدأ سريرته إلا يأخذه بالتي تليها، فيضيق على جسد الإنسان، ويضغط عليه، وليس هذا من العقاب، فالجميع مهما كان عمله يضيق عليه.

عن عائشة رضي الله عنها أنها روت عن النبي صلى الله عليه وسلم: للقبرِ ضغطةٌ لو نجا منها أحدٌ لنجا منها سعدُ بنُ معاذٍ” صحيح.

يذكر العلماء في السبب الذي ترجع إليه هذه الضمة هو أن البشر أصلهم من الأرض، هي أمهم التي خلقوا منها، فإذا ما عادوا إليها ضمتهم بين ثناياها، ولكنها تضم العاصي بقسوة، وترفق بمن كان عابدًا قانتًا.

3- سؤال الملكين

يدخل الملكان على العبد في قبره فيشتد فزعه أكثر، ويسألانه عن دينه وحياته، حيث قال صلى الله عليه وسلم:

ما من شيءٍ لمْ أكُنْ أُرِيتُهُ، إلَّا رأيتُهُ في مَقامِي هذا، حتى الجنَّةَ والنارَ، ولَقدْ أُوحِيَ إليَّ أنَّكمْ تُفتَنُونَ في قُبورِكمْ، مِثلَ أوْ قرِيبًا من فِتنةِ المسيحِ الدَّجالِ، يُؤتَى أحدُكمْ فيُقالُ لهُ: ما عِلْمُكَ بِهذا الرجلِ؟ فأمّا المؤمِنُ أوِ المُوقِنُ، فيَقولُ: هوَ مُحمدٌ رَسولُ اللهِ، جاءَنا بِالبيِّناتِ والهُدَى، فأجَبْنا وآمَنّا، واتَّبَعْنا، هوَ مُحمدٌ (ثلاثًا)، فيُقالُ لهُ: نَمْ صالِحًا، قدْ علِمْنا إنْ كُنتَ لَمُوقِنًا به، وأمَّا المنافِقُ أو المُرتابُ، فيَقولُ: لا أدْرِي، سمِعتُ الناسَ يَقولونَ شيئًا فقُلتُهُ“.

4- نعيم القبر

بعد أن تنتهي الأسئلة والإجابة عليها، يؤخذ العبد إلى طورٍ آخر من الحياة في القبر، فالعبد الذي يُجيب عن سؤال الملكين يكون له النعيم، ومن لا يُجيب يبقى في العذاب إلى أن تقوم الساعة.

حيث يكون القبر بالنسبة له كحفرة من نار، وجاء أنه حتى لو لم يُدفن الكافر فإنه يبقى كذلك في العذاب، لذا لا حاجة لما يفعله الكثيرين من حرق لأجساد الموتى فهذا لا يُنجيهم من العذاب.

اقرأ أيضًا: دعاء لأبي المتوفي من القرآن

هل يسمع الميت في قبره؟

في أول ليلة للميت في القبر من الأكيد أنه يكون في غاية الوحشة، إلا أنه قد ورد الكثير من الأدلة بأن الميت حين يكون في قبره يسمع خطوات أقدام من يبقون حوله.

حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتَولَّى عنه أصحابُه وإنه ليَسمعُ قَرْعَ نعالِهم، يأتيه مَلَكَانِ فيقولانِ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ يعني: محمدًا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قال: فأمَّا المؤمنُ فيقولُ: آمنتُ أنه عبدُ اللهِ ورسولُه، فيُقالُ له: انظرْ إلى مقعدِك في النارِ قد أبْدَلَكَ اللهُ مقعدًا في الجنةِ فيراهُما جميعًا“.

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حين انتهت غزوة بدر أتى ونادى عليهم فَقالَ: “يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا ثُمَّ أَمَرَ بهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا في قَلِيبِ بَدْرٍ” صحيح مسلم.

أسباب العذاب في القبر

الأمر الذي يجعل ضغطة القبر لينة على البعض، وشديدة على آخرين هي أعمالهم في الدنيا.

  • تضييع كل ما أنعم الله به عليهم.
  • الاستسهال في أمور الطهارة.
  • كثرة الغيبة والنميمة.
  • ترك الرجل لأهله وهم في حاجة له.
  • سوء الخلق.

اقرأ أيضًا: اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك

الوقاية من عذاب القبر

إن إمكانية التعرض لعذاب القبر حقٌ على العباد جميعًا، وهو بالفعل خوفٌ وفزع.. لذا يجدر بنا فعل ما يُنجينا منه، والذي يتمثل في أمورٍ عدة.

1- الأعمال الصالحة

تُعد من أكثر الأمور التي ترفع العبد درجات، وتضعه بمنزلة المؤمنين عند الله تعالى، بل يُجنبه الله من عذاب القبر.

  • الصدقة تُطفئ غضب الرب.
  • الاجتهاد في الطاعات الواجبة كالصلاة والصيام والزكاة.
  • الشهادة في سبيل الله.
  • أن يموت العبد في يوم الجمعة.
  • إذا كان لسان العبد دائمًا عامرًا بذكر الله فإنه يرد على الملكين بسهولة.
  • الإكثار من ذكر الموت والخوف منه ومن عقاب الله عز وجل.
  • سورة النساء كل يوم جمعة تُنجي من عذاب القبر، وكذلك قراءة سورة الزخرف، سورة القلم، تبارك.
  • كثرة الصيام، خاصة صيام رجب وشعبان.

2- الدعاء بالوقاية من عذاب القبر

إن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويكشف السوء، فيُخفف عمن يتوب إليه قبل وفاته ولا يتعرض لهذا العذاب الذي لا يقوى عليه أحد، والتضرع إليه سبحانه بالدعاء هو خير الأساليب لذلك.

  • اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ من عذابِ النَّارِ وفتنةِ النَّارِ وفتنةِ القبرِ وعذابِ القبرِ.
  • اللهم إنى أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر.
  • أسأل الله العلي العظيم أن يجعل قبورنا روضة من رياض الجنة، ولا يجعلها حفرة من حفر النيران، اللهم آمين.
  • اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، اعصمني من فتن الدنيا، ووفقني لما تحب وترضى، وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولا تضلّني بعد أن هديتني، وكن لي عوناً ومعيناً، وحافظاً وناصرًا.
  • اللهم استر عورتي، واقبل عثرتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ولا تجعلني من الغافلين. اللهم آت نفسي تقواها، وزكّها يا خير من زكاها، أنت وليها ومولاها يا رب العالمين.
  • اللهم إني أسألك إيماناً صادقًا، وأسألك قلبًا خاشعًا، وأسألك علمًا نافعًا وأسألك يقيناً صادقًا وأسألك دينًا قيمًا، وأسألك العافية من كل بلية، وأسألك تمام العافية، وأسألك دوام العافية، وأسألك الشكر على العافية، وأسألك الغنى عن الناس.
  • اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم، والمأثم والمغرم، ومن فتنة القبر، وعذاب القبر، ومن فتنة النار وعذاب النار، ومن شر فتنة الغنى، وأعوذ بك من فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال.
  • اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد، ونقّ قلبي من الخطايا كما نقّيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب.
  • اللهم احفظني بعينك التي لا تنام، وجنبني أن أعذب بذنب لم أملك إيمانًا كافيًا لأتوب عنه.

اقرأ أيضًا: أدعية لتخفيف الحزن على الميت

 مراحل تحلل جسم الإنسان

أول ليلة في القبر لا تحوي فقط الجانب الروحاني، بل تحدث بها الكثير من التغيرات الأخرى من تحلل للجسد.

  • برودة الموت: تقل درجة حرارة الجسم بشكل كبير، حيث تنخفض حوالي درجتين كل ساعة.
  • اللون الأزرق: يترسب الدم بالأجزاء المتدلية من الجسم، ويكون هذا عقب الوفاة بثلاثة ساعات.
  • التخشب: تصبح العظام غير قابلة للحركة، وهذا بسبب تصلبها؛ فالدم يتوقف عن الحراك، ويكون أقصى درجة يصل لها الجسم من التصلب تفوق الـ 12 ساعة.
  • تراكم الحشرات: يبدأ التحلل بالفعل، وتتواجد كائنات دقيقة وتضع الحشرات بيضها في أي فتحة بجسم الإنسان، وحين تفقس يمتلئ الجسم باليرقات صغيرة الحجم.
  • الانتفاخ: بسبب الكائنات الحية التي تكثر في جسم الإنسان، تتكون الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان.

أول ليلة في القبر من الأكيد أنها صعبة وموحشة على الجميع، لكن الإخلاص في العبادة هو ما يجعل الموقف أخف وطئًا.