إحسان الظن بالناس في الإسلام عبادة قلبية جليلة، يجب على المسلم أن يُحسِن الظن بأخيه ويأخذ الأمور بروية أكثر حتى لا يقع في سوء الظن؛ لِما فيه من عاقبة كبيرة، ومن خلال موقع سوبر بابا سنوافيكُم بالمزيد عن إحسان الظن بالناس.

إحسان الظن بالناس في الإسلام

إحسان الظن شيء مُستحب فعله، والدين الإسلامي يدعونا إلى إحسان الظن بالآخرين لكي نعيش في سلام ولا يحدث سوء تفاهم بينهم؛ لِما جاء من دلالات كثيرة تُشير إلى أهميته.

  • يدعو الإسلام المسلمين إلى إحسان الظن بالناس أجمعين، حيث إن الله هو من يعلم بواطن الأمور، فلإحسان الظن مكانة عظيمة في الإسلام لأنه ينشر المحبة بين الناس وتجنب حدوث سوء تفاهم.
  • المحسن هو من يحسن الظن بالله، والله يكافئه على إحسانه ويقبل توبته، أمّا مُسيء الظن بالله فهو شخص يقوم بالمعاصي التي تمنعه من حسن الظن بربه، كما قال الحسن البصري: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل).
  • إذا تعلم الإنسان حسن الظن سيرتقي معاملاته وسلوكه تلقائيًا إلى المثالية، وتعتدل حياته، ويرضى عنه ربه والمحيطين به، ويتعاملون معه ويكتسب ثقتهم، ويعمل على رفعة المجتمع.
  • يدعونا الإسلام إلى إحسان الظن والبعد عن كل ضغينة وسوء ظن، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
  • قال رحمه الله: (أول وصية عليكم أيها الإخوان بحسن الظن بالمسلمين ما استطعتم) أي توقعوا حسن الظن ببعضكم البعض أيها المسلمين فإنه باب من أبواب الخير.

اقرأ أيضًا: السماحة في الإسلام

معنى إحسان الظن

لكل كلمة معنى وينقسم المعنى لنوعين اصطلاحي ولغوي، وهناك فرق بين المعنيين بالتأكيد فيما يخُص إحسان الظن بالناس، سنتعرف عليهما فيما يأتي:

1- معنى حسن الظن الاصطلاحي

حُسن الظن له الكثير من المعاني، فمعنى الظن في الاصطلاح لغير الله: أنه تتغلب جوانب الخير على جوانب الشر، ولا يظن في أخيه السوء ولا يظن فيه إلا كل خير. أمّا المعنى الاصطلاحي لحسن الظن بالله هو: أن يعلم الإنسان أن الله يبتليه لحكمة ما، حيث إنه لم يرد إيذائه أو تعذيبه، إنما يبتليه كغيره من الناس ليختبرهم جميعًا، وليعلم الله المسلم الصالح الصابر والراضي بما ابتلاه ربه ومن يجزع ويكفر بربه.

لكي يلجأ إليه ويدعوه ويترجاه ويتضرع إليه أن يخفف عنه ما أصابه من بلاء، ويلجأ له في صلاته في جوف الليل.

2- المعنى اللغوي لحسن الظن

حُسن الظن يكون في اللغة بمعنى الاعتقاد والاحتمال الراجح الذي يمكن أن يحتمل النقيض له، حيث إن الظن يأتي بمعنيين فيمكن أن يكون المقصد من الظن التحقق والتأكد من أمرٍ ما، وقد يكون بمعنى الشك، ويتم تحديد المعنى حسب سياق الجملة.

اقرأ أيضًا: ثقافة الحوار في الإسلام

كيفية إحسان الظن بالناس

يجب على كل مسلم لكي يرتقي إلى مكانة إحسان الظن بالناس القيام ببعض الأمور التي تعينه على ذلك، والإيمان يكون بالأفعال لا بالأقوال، لذلك سنعرض أمور تساعد الإنسان على إحسان الظن بالناس:

  • أن يفكر في عواقب سوء ظنه بأحد، فقال سفيان بن حسين: (ذكرت رجلًا بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال: أغزوتَ الرومَ؟ قلت: لا، قال: فالسِّند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفَتسلَم منك الروم والسِّند والهند والترك، ولم يسلَمْ منك أخوك المسلم؟! قال: فلَم أعُد بعدها).
  • أن يحسن الإنسان الظن في كل ما يسمعه ممن حوله، ويحاول ألا يظن في كلامهم ضغينة أو شر، وأن يحسن الظن في أفعالهم أيضًا.
  • يفعل ولا يقل فقط، وذلك بأن ينزل نفسه منزلة خير، ويسعى إليها كله.
  • لا يحكم على نوايا الآخرين، فالنية لا يعلمها إلا الله عز وجل.
  • إن حسن الظن بالناس مجاهدة عظيمة، فالشيطان يسعى للتفريق بين الناس والإيقاع بينهم عن طريق سوء الظن بينكم، فلا تترك نفسك للشيطان.
  • الدعاء هو مصدر لكل خير في حياتنا، فكان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يسأل الله أن يرزقه قلبًا سليم.
  • أن نلتمس العذر لبعضنا البعض، فعندما يحدث معك موقف يسبب لك الضيق والهم، تذكر الصحابة ومواقفهم في إحسان الظن ووضع الأعذار حتى أنهم قالوا: التمس لأخيك سبعين عذرًا، وهناك قول لابن سيرين أيضًا رحمه الله: “إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه“.
  • يجب علينا تعلم حسن الظن من رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ فهو كان يعلم أصحابه، يروي البخاري أن رجلًا جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: إن امرأتي ولدت غلامًا أسودَ، فقال -صلى الله عليه وسلم- هل لك من إبل؟ قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أوراق أي سود قال نعم قال فأنى أتاها ذلك قال عسى أن يكون نزعة عرق قال فكذلك ابنك عسى أن يكون نزعة عرق”.

جزاء من يحسن الظن بالناس

يوجد ثواب لِمن يُحسِن الظن بالآخرين مثلما يوجد لمن يسيء الظن بهم، إحسان الظن بين الناس مريح في التعامل وفي نفس الإنسان، فهو يسلم من الأذى.

  • حسن الظن يقوي العلاقات بين الناس، وتُشعِر بالراحة والسكينة في قلبك، فلا تحمل أي كره تجاه أحد، امتثالًا لأوامر رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في قوله: “إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا…”.
  • يجب أن يكون مُحسن الظن على علم بأن الله سيكافئه على أخلاقه وصلاح نيته، سيغفر الله له ذنوبه، يستجيب لدعائه، يرزقه من حيث لا يحتسب.
  • تستقر حياة الإنسان، يفرج الله همومه، يجب أن يوقن الإنسان أن الله قريب منه ويستجيب لدعائه.

اقرأ أيضًا: الحياء في الإسلام وخصائصها

عاقبة سوء الظن بالناس

سوء الظن شيء غير مقبول أخلاقيًا ودينيًا، فهو عواقبه وخيمة، لهذا نهانا الإسلام عن سوء الظن بالآخرين لتجنب المشاكل.

فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم”، وهنا كان المقصود بالظن هو الاتهام من دون سبب، كالذي يتهم أحدًا بالفاحشة دون أن يتأكد من ذلك.

لذلك عطف الله عليه بقوله عز وجل: “ولا تجسسوا”، أي الذي يريد أن يتأكد من ظنه ويسترق السمع، وهذا ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم يتكلموا، أو يعملوا به”، وله عواقب عند ربه.

  • الذين يسيئون الظن بالناس ويشككون بهم دون أي دليل مرفوض بشكل قاطع في القرآن، فهؤلاء الذين ينظرون للناس من خلال منظار أسود سيعاقبون، فقد توعد الله لهم بسوء العاقبة نتيجة لِما يفعلوه من معاصي وأشياء مخالفة لدين الله.
  • سوء الظن بالناس من الكبائر، أمّا سوء الظن بالله فهو يخرج صاحبه من دائرة الإيمان.
  • يعيش سيء الظن في كرب وهم ويبتعد عنه الناس حتى أقاربه، فهو يفكر في غيره بسوء ظن ويفكر في نفسه بالإحسان، وهذا نوع من تزكية النفس التي نهى الله عنها في قوله تعالى: ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم:32].

يمكن أن يكون سوء الظن عند الإنسان مرض نفسي، الشخص الذي يعاني من سوء الظن يعتبر مصابًا باضطراب ما يسمى “الريبة والشك”، ويكون نابع من الشخص نفسه مما يجعله يسيء الظن في كل المحيطين به، لذا عليه هُنا اللجوء إلى طبيب نفسي لمُساعدته والتقرب إلى الله.

أحسنوا الظن بالناس وأسرعوا بالتوبة من سوء الظن، فعِقاب سوء الظن كبير عند الله، حسن الظن له فوائد كثيرة ينعم بها صاحبها، فلا تحرم نفسك من هذه النعم بسوء ظنك.