الفرق بين الأشاعرة والماتريدية يتجلى في الأفكار التي تبناها كل منهما، والأمور التي سعوا لإثباتها أو إيجاد الحكم فيها، وهو ما يتوق إليه كل مذهب في العموم، أن يضع رأيه في القضايا الفقهية، وعبر موقع سوبر بابا نعرض لك هذا الفارق بالتفصيل.

الفرق بين الأشاعرة والماتريدية

سواء الأشاعرة أو الماتريدية كلاهما مذاهب، ظهرت لتسفر ما جاء في الكتاب والسنة، كل مذهب يتبنى أفكارًا مختلفة، والسبب اختلاف المؤسس لكل منهما.

أولًا: الفرق في الهوية

نسب الأشاعرة إلى أبي حسن الأشعري، وله العديد من التلاميذ والأتباع، أمثال أبو أحمد الغزالي، وكان نهجه الخلط ما بين العلم الذي جاء به الإسلام وإعمال العقل والمنطق.

أمّا المتريدية، فقد ظهرت في نهاية القرن الثالث، مؤسسها هو أبي منصور الماتريدي، كان يهوى المناظرات المعتزلة، وله الكثير من التلاميذ الذين عملوا على نشر أفكاره، منهم محمد بن معتكد النفسي، ويوجد العديد من المدارس التي تتبنى هذا المذهب، من بينها المدرسة البريلوية.

ثانيًا: الاختلاف في المعتقدات والأفكار

الفرق بين الأشاعرة والماتريدية كبير بعض الشيء، حيث يتبنى كل منهما أفكارًا مُغايرة عن الآخر.

فبينما تجد الأشاعرة ينقسمون إلى قسمين، المتقدمين الذين يحاولون إثبات الصفات الخبرية لله تعالى، مثل الوجه واليدين، والمتأخرين يتبعوهم بذات الأمر، إلا أنهم زادوا أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، بل هو ثابت، حتى أنهم لا يعتبرون مرتكب الكبيرة مذنب.

كانوا يستدلون بالعقل والنقل معًا، فهم ينقلون ما ورد بالسنة النبوية من أدلة وبراهين، ثم يفسروها بالمنطق، مستعينين بهذا بالفكر الفلسفي.

أما عن الماتريدية.. فقد نفوا كل الصفات الفعلية، ووصفوها بالاختيارية، وقدموا كلام الله تعالى على أنه معنى أزلي، ولا يتعلق بصوت أو حرف، هذا للبعد عن التشبيه، فكلام الله سبحانه له معنى واحد.

كما عرفوا المعجزة بأنها أمر خارق للطبيعة، وقالوا إنها بالأساس للتحدي لا للمقارنة، وأقروا بجميع ما ورد عن يوم القيامة واليوم الآخر، وما ورد عن نعيم القبر، وعذابه.

هم أيضًا أثبتوا صفاتٍ ثلاثة عن العالم هي الحياة، والإدارة والقدرة والعلم، ولكن العلماء لهم خلاف عليهم في موضوع الصفات، إذ لا يوافقون على أن الصفات الفعلية حقيقة.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الإيمان والإسلام باختصار

كيف نشأ المذهب الأشعري؟

نشأ مؤسسه في البصرة، بين المعتزلة، فاتبع مذهبهم، وتتلمذ على يد الجبائي، لكنه فطن إلى اختلافهم مع السنة، فانقلب عليهم وذهب للرد وردعهم عن تلك الأفكار، مُستخدمًا في هذا منهج المتكلمين.

اتبع بعد هذا طريق بن كلاب، لإثبات الصفات السبع، وبنهاية حياته ترك هذا أيضًا وتوجه إلى إثبات الصفات كلها لله تعالى، كما وردت في الكتاب بلا أي تحريف.

أهم العلماء الذين تبنوا هذا المذهب هم القاضي أبو بكر الباقلاني، وأبو إسحاق الشيرازي، وأبو إسحاق الإسفراييني، وإمام الحرمين الجويني، وأبو حامد الغزالي، والإمام الفخر الرازي، وأشهر الكتب في هذا المذهب هو أساس التقديس في علم الكلام.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الإيمان والإسلام باختصار

نشأة المذهب الماتريدي

نشأ مؤسسه في بلاد ما وراء النهر تركستان، وتُسمى جيجون، وهو ما يُعرف بآمودريا، وكانت حياته مقاربة لوقت أبي الحسن الأشعري، وكانت فترة حافلة بصراع بين أهل الحديث وأهل الكلام.

اعتنق الماتريدي المذهب الحنفي، فقد ردّ على المعتزلة كثيرًا في الأقوال التي خرجوا بها، وله مؤلفات عديدة، منها: “كتاب التوحيد، تأويلات القرآن، تأويلات الماتريدية في بيان أصول السنة وأصول التوحيد، المقالات، مأخذ الشرائع، الجدل”.

الفرق بين الأشاعرة والماتريدية يكمن في الطريقة التي لجأ لها كلاهما في الحكم في المعتقدات، مع تباين الطريق التي سلكها كل منهما.