القول الراجح في حكم صلاة الجماعة ما زال موضع بحث وسؤال حتى يومنا هذا، فيتردد في الأذهان دائمًا هل إذا صلينا فى البيت بمفردنا يجوز ذلك أم لا، وبالطبع يتردد ذلك فى أذهان الرجال أكثر من النساء، وبالتالي تظل عملية البحث مستمرة حتى يتم التعرف إلى إجابة ذلك، لذلك ومن خلال موقع سوبر بابا سنتعرف على القول الراجح في حكم صلاة الجماعة.

القول الراجح في حكم صلاة الجماعة

انشق القول في حكم صلاة الجماعة إلى أكثر من جانب، الجانب الأول أن صلاة الجماعة لها شروط وإذا قُمت بالصلاة بمفردك بدون وجود عذر لذلك، فإن صلاتك فى هذه الحالة تكون باطلة، أما الجانب الآخر من الحكم والذي أجمع عليه الكثير من علماء ورجال الدين.

إن صلاة الجماعة هي صلاة واجبة، ويجب أن تسعى من أجل أدائها فى المسجد أو وسط جماعة من الناس يصلون معك لو كان المسجد بعيد عنكم، وهذا كما تم تصنيفه في مذهب الحنابلة والحنفية، لكن الجانب الأخر من الحُكم هي أنها فرض كفاية إذا قام بها مجموعة سقط قيامها عن الباقي.

يوجد القليل من الآراء ممن تقول إن صلاة الجماعة هي سنة وهذا مذهب المالكية، نجد أن بعض ممن يتبع مذهب المالكية قد أتبع أن صلاة الجماعة هي فرض كفاية، ويوجد رواية عند الحنابلة وشرط عند مُتبعين مذهب الظاهرية أنها شرط أساسي لكي تكون الصلاة صحيحة.

من جميع الأحكام والأراء السابقة أجمع الكثير من العلماء ورجال الدين على أن صلاة الجماعة هي صلاة واجبة، حيث إن رسول الله صل الله عليه وسلم قد قال: ” من سمِع النداءَ فلم يأتِ فلا صلاةَ له إلا من عذرٍ” خُرج بإسناد حسن عن الراوي عبد الله بن عباء.

أى أنه كما وضح رسولنا الكريم أن الصلاة بدون العذريين سواء كان مرض أو خوف بُطلت، لذلك يجب عليكم الحذر من التغافل من الصلاة فى جماعة.

اقرأ أيضًا: حكم تأخير إخراج الزكاة عن وقتها بغير عذر شرعي

الأدلة على وجوب صلاة الجماعة

حتى يتم التأكد من أن صلاة الجماعة هي صلاة واجبة، من خلال مجموعة النقاط التالية سوف يتم توضيح أدلة تُدعم وجوبها، من تلك الأدلة ما يلي:

  • صلاة الجماعة أثناء الحرب، حيث إننا نجد أن قد أمر الله – سبحانه وتعالى- في سورة النساء الآية 102 أمر عبادة أنه إذا كنتم تمرون بحالة حرب يجب عليكم أداء الصلاة في جماعة، حيث قال: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ).

لذلك إذا نظرنا لصعوبه الموقف وهي أنها حرب قائمة وعلى الرغم من ذلك يجب عليهم الصلاة فى جماعة، ولكن جزء منهم يقوم للصلاة والجزء الأخر ينتظر لحمايتهم ثم يتبادلون فيما بينهم بعد انتهاء المجموعة الأولى من الصلاة.

  • فى صحيح مسلم عن بن مسعود رضي الله عنه قال: ” عَنْ عبدِ اللهِ، قالَ: مَن سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ علَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بهِنَّ، فإنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مَن سُنَنَ الهُدَى، ولو أنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتِكُمْ كما يُصَلِّي هذا المُتَخَلِّفُ في بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، ولو تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هذِه المَسَاجِدِ، إلَّا كَتَبَ اللَّهُ له بكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عنْه بهَا سَيِّئَةً، وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتَّى يُقَامَ في الصَّفِّ”.

معني ذلك أنكم إذا كنتم تريدون لقاء الله – سبحانه وتعالى- أي إذا كنتم تريدون دخول الجنة عليكم أن تصلوا فى جماعة، والمتخلف هنا ليس بمعناه الشخص قليل العقل ولكن معناه المتأخر أو الذي لم يأت لأداء الصلاة في جماعة.

  • نجد أيضًا وجوب صلاة الجمعة فى جماعة، والدليل على ذلك أتى بسورة الجمعة الآية التاسعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(.
  • عن أبي هريرة عن النبي – صل الله عليه وسلم – قال: “إنَّ للمُنافِقينَ علاماتٍ يُعرَفون بها: تحيتُهم لَعنةٌ، وطَعامُهم نُهبةٌ، وغنيمتُهم غُلولٌ، ولا يَقرَبون المساجِدَ إلَّا هَجرًا، ولا يأتون الصَّلاةَ إلَّا دَبرًا مُستكِبرينَ، ولا يَألَفون ولا يُؤلَفون، خُشُبٌ باللَّيلِ صُخُبٌ بالنَّهارِ.

ذلك يعني أنه من علامات المنافقين الأشخاص المتأخرون عن صلاتهم، والذين لا يصلوا فى صلاة الجماعة.

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في البيت مع الزوجة

الأعذار المقبولة لترك صلاة الجماعة

من أجل تلافي الوقوع فى الخطأ المتكرر من الأعذار التي يظن الكثير أنها مقبولة وأن صلاته صحت، لذلك سنوضح تلك الأعذار التي ذُكرت بالأدلة والبراهين أنها مقبولة، ومن تلك الأعذار ما يلي:

  • جاء رجل أعمى إلى رسول الله – صل الله عليه وسلم- وقال له أنه لا يوجد معه من يسانده ويذهب به إلى المسجد حتي يصلي فى جماعة، وهنا سأله رسولنا الحبيب هل تسمع الصلاة عندما يؤذن الإمام، فرد عليه الرجل بأنه نعم أسمع، وكان رد رسول الله حاسم في ذلك الوقت، حيث إنه قال له أجب.

أى أن ذلك ليس بالعذر المقبول لذلك الرجل بالرغم من أنه أعمى، لكنه قريب من المسجد.

  • في حالة إذا كنت مسافر وبعيد عن المسجد، يمكن أن تصلي الصلاة مع من معك، حيث قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – لرجلين مسافرين قما بالصلاة أثناء الترحال وكانت الصلاة ليست فى جماعة أو مسجد لما جاء فى الحديث.

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في المسجد عند الأئمة الأربعة

حكم صلاة الجماعة للنساء

نجد أن مذهب الحنابلة والشافعية قد أقروا  باستحباب صلاة الجماعة للنساء مع بعضهم البعض، والدليل على ذلك ما يلي:

  • عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ رَضِيَ اللهُ عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ).

هذا دليل قوي على أهمية صلاة الجماعة للنساء، حيث فعلت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

  • عن حُجيرةَ بنتِ حُصينٍ، قالت: (أَمَّتْنا أمُّ سَلمةَ أمُّ المؤمنينَ في صلاةِ العَصر، وقامتْ بيننا) .

هنا نجد أن أم سلمة رضي الله عنها هي الأخرى، فعلت كما فعلت السيدة عائشة، وذلك لأهمية صلاة الجماعة وثوابها العظيم.

لذلك نجد عزيزي القارئ أن القول الراجح في حكم صلاة الجماعة هي وجوبها للرجال واستحبابها للنساء، والله أعلى وأعلم.