يُشاع أن تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء سلبيًا، ويُقال إن هناك العديد من الدراسات العلمية والأبحاث التي وجدت علاقة بين استخدام المضادات الحيوية وبين انخفاض العدد الكلي لكريات الدم البيضاء والبلازما في الدم، فما صحة هذا الأمر؟ وهل من الممكن تفاديه في حال ما صحت النظرية؟ جئناكم اليوم عبر موقع سوبر بابا للإجابة عن كافة هذه الأسئلة وأكثر.

تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء

تُعد كُريات الدم الحمراء من أهم أنواع وصور خلايا الدم، فهذه الكريات التي تُكون خلايا الجهاز المناعي وتتواجد في كل من نُخاع العظام، الدم بالإضافة إلى الأنسجة والغدد الليمفاوية حول الجسد بأكمله تُساعد الجسم في محاربة الأمراض وتحميه من الإصابة بالعدوات، وتختلف كريات الدم البيضاء في تركيبها عن خلايا الدم الأخرى.

هناك ارتباط مُباشر بين عدد كريات الدم البيضاء في جسم الإنسان وبين رد الفعل الدفاعي الذي يقوم به الجسم لمكافحة الأمراض، وهذه العلاقة طردية، يعني ذلك أنه كلما ارتفع عدد كريات الدم البيضاء في الجسم زادت قدرة الجسم على التصدي للغارات الفيروسية والبكتيرية وغيرها من صور العدوى، والالتهابات والأمراض المختلفة.

الجدير بالذكر أن هذا الارتفاع يجب أن يكون ضمن حدود معينة لضمان عدم إصابة الجسم ببعض الحالات المرضية الناتجة عن زيادة خلايا الجهاز المناعي عن الحد الطبيعي، يُمكننا القول إن خير الأمور أوسطها، فالجسم يُنتج في حالته الطبيعية ما يُقارب 100 بليون كرة دم بيضاء يوميًا.

يؤدي اختلال هذا المُعدل بالسلب أو الإيجاب إلى ظهور أخطار ومُضاعفات صحية ومرضية عدة، فارتفاع عدد كريات الدم الحمراء في الجسم يتسبب في الإصابة بمتلازمة فرط اليوزينيات، وهو ما ينتج عنه فقدان للوزن وإصابة بالحمى، ناهيك عن التعرق الليلي، التعب الشديد المصحوب بوهن، بالإضافة إلى آلام الصدر والمعدة وغيرها من الحالات المرضية.

كما أن انخفاض معدل كريات الدم البيضاء لا يقل خطورة في واقع الأمر، فمن دور الانخفاض في عدد كريات الدم الحمراء أن يتسبب بحمى وارتفاع في درجة الحرارة، بالإضافة إلى كثرة الالتهابات بكل تأكيد بسبب ضعف كفاءة الجهاز المناعي الذي يُعد سلاحه الأول الكريات البيضاء.

الجدير بالذكر أن كل من الارتفاع والانخفاض في عدد كريات الدم البيضاء داخل الجسم قد ينتج عن الاستخدام الخاطئ لبعض العقاقير والأدوية، فالحمض الدهني أوميجا 3 مثلًا يرفع من تعداد هذه الكريات، أما تأثير المضاد الحيوي على عدد كريات الدم البيضاء يُعد سلبيًا، فكيف تتأثر الكريات البيضاء بالأدوية؟ تجدون ضالتكم فيما يلي من سطور.

اقرأ أيضًا: هل يمكن الشفاء من التهاب الدم

كيف يؤدي العلاج إلى تقليل قدرة الجسم على الشفاء؟

هناك دراسة تم نشرها في شهر نوفمبر تشرين الثاني لعام 2012 اختصت بمعرفة مدى تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء، وهذه الدراسة التي استمرت لعام كامل تم فيها تقييم اتجاهات أمراض الدم المختلفة التي تنتج عند استخدام المضادات الحيوية، وذلك بهدف معرفة ما إذا كانت المضادات الحيوية تُقلل من عدد الكريات البيضاء من عدمه.

خضع لبروتوكول هذه التجربة ما يصل عدده إلى 42 مريضًا، والجدير بالذكر أنه على مدار عام كامل تم تجربة 93 نظامًا ومخططًا علاجيًا يشتمل على المضادات الحيوية على كافة هؤلاء المرضى، وذلك في سبيل الوصول إلى الإجابة عن سؤال واحد فقط، ذلك السؤال هو ما مدى تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء؟

في الواقع لم ينتظر الأطباء والعلماء طويلًا في سبيل الوصول إلى مُبتغاهم، فسرعان ما بدأت أعداد كريات الدم البيضاء بالانخفاض بعد تناول المُضادات الحيوية، فهناك حالات عدة انخفض لديها تعداد الكريات انخفاضًا أوليًا ملحوظًا بعض الشيء بعد أقل من ساعتين ونصف على اكتمال جُرعة المُضاد الحيوي.

على الرغم من انخفاض المنسوب إلا أنه في غضون أربعٍ وعشرين ساعة ارتفعت نسبة كريات خلايا الجهاز المناعي لتعود إلى معدلها الطبيعي، وبدراسة هذا الانخفاض وصل العلماء إلى نتيجة مهمة، ألا وهي أن الجسم يقوم باتخاذ إجراء وقائي ضد المُضادات الحيوية بكافة أشكالها تقريبًا.

هذا الإجراء يتمثل في تدمير الجسم وإتلافه للأنسجة المُحيطة بالمنطقة التي وصل إليها المُضاد الحيوي، وكلما كان استخدام المُضاد الحيوي بجرعات أكبر وبشكل غير مدروس تزايدت احتمالات تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء بالسلب.

على الرغم من خطورة الأمر يلجأ الكثير من الناس إلى استخدام المُضادات الحيوية فور الإصابة بأي حالة مرضية ناتجة عن التهاب أو تحسس، وهذا تصرف خاطئ، فللمضادات الحيوية آثار جانبية لا يُحمد عُقباها، فمن الضروري استشارة الطبيب قبلها.

اقرأ أيضًا: هل شرب الماء على الريق يضر الكبد

انخفاض عدد خلايا الجهاز المناعي.. بين العلامات والعلاج

هناك العديد من الحالات التي شاركت تجربتها فيما يخص انخفاض كريات الدم البيضاء، وتعد واحدة من أشهر هذه التجارب هي التجربة التي عانت منها فتاة تبلغ من العمر ستة عشر عامًا، ففي عام 2014 قامت جريدة Chicago Tribune الأمريكية بنشر مقالٍ يحمل رسالة من أحد الأجداد إلى عيادة مايو كلينك.

جاء في هذه الرسالة أن الفتاة الشابة عانت ذات يومٍ من صداع نصفي حاد تسبب لها في فقدان مؤقت للبصر، كما أنها أُصيبت بالغثيان إلى حد القيء، وبوصول هذه الفتاة وجدها إلى المُستشفى تم تشخيص حالتها بالإصابة بانخفاض كريات الدم البيضاء، وبدا على الجد القلق في رسالته، فلماذا تُصاب فتاة في مقتبل عمرها بمثل هذه الحالة المرضية!

كان رد العيادة أن هناك العديد من الأمراض التي بمقدورها أن تؤثر بالسلب على عدد كريات الدم البيضاء في الجسم، وعلى الرغم من تقديم العيادة نصيحة للجد تتمثل في إجراء بعض التحاليل مثل صور الدم وغيرها للوصول إلى السبب الرئيسي لهذه الحالة، إلا أنه استعرضت بعض الأسباب التي بإمكانها أن تُقلل من عدد هذه الكريات.

جاء على رأس القائمة التي ذكرتها عيادة مايو التي يتعاون بين جدرانها ما يزيد عن 4700 طبيب وعالم أن هناك بعض العقاقير التي بإمكانها أن تُقلل نسبة تواجد الكريات البيضاء في الدم، وكان تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء على رأس هذه القائمة.

فقد جاء في تقرير Mayo Clinic أن الاستخدام الجائر للعقاقير مثل المضادات الحيوية بإمكانه أن يتسبب في تلف وتدمير نسبة كبيرة من كريات الدم، كما أنه قد يؤثر بالسلب على صحة النخاع العظمي متسببًا له بالتلف والضرر، وينتج عن ذلك في نهاية المطاف انخفاض حاد غير طبيعي في عدد خلايا الدم ككل، والبيضاء منها على وجه الخصوص.

اقرأ أيضًا: متى يكون ارتفاع إنزيمات الكبد خطر

تأثير المضاد الحيوي على كريات الدم البيضاء السلبي كان سببًا رئيسيًا في منع استخدامه بعد تلقي اللقاحات والتطعيمات، فالتطعيم يتم فيه حقن الجسم بالمرض نفسه لتعريف كريات الدم الحمراء على المرض، واستخدام المضاد الحيوي سيؤدي إلى انخفاض عدد الكريات وتضرر الجسم من اللقاح لعدم قدرته على مواجهته والتعرف عليه.