تجربتي بالزواج من مصر تُعد واحدةً من أكثر صور التجارب الفريدة التي مررت بها في حياتي، ويرجع السبب وراء ذلك إلى ما عاد عليَّ على إثر إقدامي على القيام بهذه الخُطوة، ونظرًا لكثرة الاستفسار عن الزواج في إطار دائرة المعارف الخاصة بي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخُص الفكرة ككُل قررت مُشاركة هذه التجربة عبر موقع سوبر بابا.

تجربتي بالزواج من مصر

لا شكَّ في كون الزواج من أسمى درجات العلاقات بين البشر، وكثيرًا ما يتم وصفه بكونه رباطًا مُقدسًا يجمع بين المرء وزوجه وفقًا لما جاء في نُصوص الشريعة الإسلامية في الذكر الحكيم والقرآن الكريم وحتى الدُرر السُنية التي ورثها المُسلمون عن سيد الخلق مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

هذه العوامل تجعل فكرة الزواج من المراحل المحورية التي يمُر بها المرء لتتغير على إثرها حياته رأسًا على عقب بشكلٍ إيجابي أو سلبي، والمعيار الأول والأخير هُنا هو حُسن الاختيار في واقع الأمر، وهو ما كُنت أطمح إليه مُنذ أن بدأت في البحث عن زوجتي المُستقبلية، فهل بلغت غايتي في إطار تجربتي بالزواج من مصر؟

قبل التطرق إلى الحديث عن الإيجابيات والسلبيات التي يشتمل عليها الموضوع أرى أنه من الضروري تعريفكم بنفسي، أنا أُدعى عبد العزيز، رجُلٌ من المملكة العربية السُعودية أمتهن مهنة الهندسة بعد أن تخرجت من الملك فيصل في منطقة الأحساء مسقط رأسي.

بحُكم عملي كمُهندس في إحدى الشركات العالمية كُنت كثيرًا ما أُسافر وأرتحل في سبيل إقامة بعض المشاريع والإشراف على البعض الآخر منها أو حتى لحُضور تعاقداتٍ واتفاقاتٍ مُمثلًا الشركة التي أعمل بها مُقابل شركاتٍ أُخرى في عدد لا حصر له من الاجتماعات مُنذ تخرجي وإلى يومنا هذا.

لا شكَّ في كون أكثر رحلات السفر التي غيرت حياتي إلى الأبد هي زيارتي إلى جُمهورية مصر العربية التي وعلى الرغم من أنه قد مرَّ عليها ما يزيد عن سبع سنوات إلا أنني أتذكر كافة تفاصيلها كما لو أنني أعيشها في الوقت الراهن.

كان الهدف الرئيسي من رحلتي هو حُضور أحد الاجتماعات التي كان الغرض منها عقد شراكة بين شركة تنشط في مِصر وبين الشركة التي أعمل بها، وقد حضرت كما هو مُعتاد ضمن الوفد المُمثل للشركة، وشهدت أرض العاصمة المِصرية القاهرة أول لقاء جمعني بمن أصبحت زوجتي فيما بعد.

اقرأ أيضًا: تجربتي في الزواج من الفلبين

تعارف سلس انتهى بالزواج

على الرغم من أنها كانت المرة الأولى التي أُقابل فيها هذه السيدة التي لم أعرف حتى اسمها في اليوم الأول من أيام الفعاليات الخاصة بالاجتماع إلا أنه قد اعتراني شُعورٌ غريب، فقد انتابني إحساسٌ بالألفة كما لو أنني أعرفها مُنذُ زمنٍ بعيد في واقع الأمر.

كانت هذه الفتاة التي عرفت فيما بعد أنها تُدعى ليلى إحدى مُمثلي الشركة المِصرية، وقد كانت تتحدث وتتعامل بشكلٍ لبق لم أشهده من قبل قط، ومن مُلاحظتي لها على مدار أيام الاجتماع لاحظت كونها غايةً في الأناقة والرُقي في واقع الأمر، وحينها شعرت أنني على أعتاب إعلان صافرة انطلاق تجربتي بالزواج من مصر.

بعد إتمام مُهمة العمل التي كُنَّا قد جئنا إلى مصر في سبيلها في المقام الأول قررت الشركتان عقد وليمة عشاء احتفالًا بكون المُفاوضات قد آلت في نهاية المطاف إلى ما كُنا نطمح له، ولكون هذا النوع من الحفلات غالبًا ما يتسم بكونه غير رسمي بدأنا بالتطرق إلى الحديث عن أُمورٍ شخصية بشكلٍ أكبر.

الحديث هُنا بكُل تأكيد عن استفسارات شملت التطرق إلى المؤهل الدراسي، الوظيفة التي تشغلها في الشركة والفترة التي قضيتها فيها بالإضافة إلى السؤال الذي كُنت أمني النفس لطرحه ومعرفة الإجابة عنه لكونه الأهم من وجهة نظري في واقع الأمر، وبكُل تأكيد أنا أتحدث عن فكرة الزواج والارتباط من عدمه.

لحُسن حظي جاءت الإجابة عن هذا السؤال بعد لحظاتٍ من الترقب التي مرت ثقيلةً على قلبي بالنفي، وفي هذه اللحظة أدركت مدى جمال كلمة لا في واقع الأمر، وعرضت عليها فكرة الزواج بي، وقد وافقت بعد لحظاتٍ من الصمت التي اعترت على وجهها فيها الابتسامة.

بعد عامٍ واحد فقط من هذه اللحظة كُنا قد أعددنا كافة المراسم الخاصة بحفل الزفاف، وفي يومنا الحالي نحن على أعتاب الوصول إلى ذكرى زواجنا السادسة، ولا مُغالاة أو مُبالغة في قول إنها كانت أجمل سنواتٍ عشتها على مدار عُمري كُله، ويُمكنني تلخيص تجربتي بالزواج من مصر عبر سرد ما يلي من جوانب:

1-  الاحترام والتقدير المُتبادل

في حال ما طُلِبَّ مني وصف تجربتي بالزواج من مصر بكلمةٍ واحدة ستكون الود بلا أدنى شك، فكُل يوم عشته مع ليلى كانت السمة الرئيسية فيه كونها تحترمني، تتعامل معي بودٍ ولُطف وتُقدر كُلُّ ما أقوم به من جُهودٍ كبيرةً كانت أو صغيرة إلى حدٍ لا يُذكر.

هذا العامل في واقع الأمر جعلني أكثر تميزًا على كافة الأصعدة، فما قبل خوضي لتجربتي بالزواج من مصر كُنت أعود إلى منزلي بعد ساعاتٍ طويلة من العمل لا أفكر إلا بما عليَّ أن أقوم به في صباح اليوم التالي، وهي فترة اتسمت بالضغط النفسي على الرغم من تميزي فيها.

لكن ليلى هي صُندوق أسراري، الشخص الذي لا يكل ولا يمل من مُشاركتي معه كافة التفاصيل المُتعبة في اليوم، وهي لي كُل شخصٍ وشيءٍ مُريحٌ في حياتي بشكلٍ عام، فحديثي معها يفوق في أثره ساعاتٍ طوال من الحديث مع أشهر الأطباء النفسيين وأكثرهم تمكُنًا من مهنتهم.

يكفي أن أُحدثها بما في خاطري من مُشكلاتٍ تتعلق بالعمل، الحالة المادية وغيرها من الأمور حتى تُهون عليَّ وطأة الأمر بكلمةٍ منها، لمسة أو حتى مُجرد نظرة دافئة وحنونة.

فعلى الرغم من تأثري بشكلٍ سلبي من ضغوطات العمل إلا أنها دائمًا ما تُقدر ما أمر به من صُعوبات وتترفع كما يُقال عن الصغائر لتُعاتبني فيما بعد بكُل حُبٍ وود عن تعاملي معها بشكلٍ حاد لأراني أعترف لها بخطأي في لحظاتٍ لا تعُج أو تعُمُّ إلا بالحُب والسعادة.

من الجدير بالذكر أن تجربتي بالزواج من مصر تُعد مثالًا ملموسًا على مقولة قديمة فحواها كون الود والاحترام أهم من الحُب، وليلى تُحبني، تحترمني وتودني، وهو الحال بالنسبة لي بلا أدنى شك، فمن ذا الذي يستحق أن أُبادله كُل الخير أكثر من ليلى؟

اقرأ أيضًا: زوجتي ترفض التعدد

2- تحمُل صعوبات الحياة

على الرغم من كوني أشغل منصبًا يُمكن القول إنه مرموق في الشركة التي أعمل بها وأتقاضى على إثره راتبًا جيدًا للغاية في واقع الأمر إلا أنه لا يُمكن أن تخلو الحياة من العقبات والكبوات، فكما نعرف الحياة الدُنيا في المقام الأول دار ابتلاء، وما أكثر ما مررت به من ضوائق مادية في السنوات الست الماضية.

من أكثر ما عزز من الحُب، الاحترام والشعور بالأمان المُتبادل في علاقتنا أنها لم تقُم قط بالتعبير عن ضيقها وامتعاضها نتيجةً لما أمر به من مُشكلات في هذه الفترات الصعبة، بل كانت لي خير مُعينٍ وعرضت عليَّ مرارًا وتكرارًا مُساهمتها في حل عدد كبير من المُشكلات من مالها الخاص.

فقامت على الرغم من رفضي في تسديد بعض الأقساط التي تأخرت على إثر المُرور بهذه الأزمات، وقد كان تواجدها بجانبي في كُل يومٍ يُساهم في جعل أعباء الحياة أخف وطأةً على كاهلي.

اقرأ أيضًا: 10 صفات يحبها الرجل في المرأة قبل الزواج

3- تداخل شمل كافة أركان الحياة

مُنذ بداية تجربتي بالزواج من مصر وإلى يومنا هذا تأثرت كثيرًا بالعادات والتقاليد المِصرية، والأمر سيان بالنسبة لزوجتي التي عرفت أصبحت مُلمة إلى حدٍ كبير بالأعراف الخاصة بالمملكة، وقد ساهم ذلك فيما بعد في امتلاك أبنائنا لما هو حسن وطيب من خصالٍ ناتجة عن تداخل هاتين الثقافتين.

من أبرز جوانب الحياة التي اختلطت ببضعها البعض فكرة المأكولات والوجبات التي يتم تحضيرها في المنزل، وهذا يُعد من أبرز صور الإيجابيات التي ميزت تجربتي بالزواج من مصر، فيُعرف عن المطبخ المصري كونه يُقدم عددًا لا حصر له من المأكولات اللذيذة في واقع الأمر.

بالاطلاع على جانب اللُغة سنجد أنه قد تأثر أيضًا بهذا التداخل إلى حدٍ كبير، فقد أثرى كُلًا منا ترسانة المُصطلحات الخاصة بالآخر، وأكثر المُستفيدين من ذلك بيننا هُم الأبناء الذين يتفاخرون بين أصدقائهم المِصريين بإتقانهم للكنة السُعودية، وبين السُعوديين بإتقانهم للمِصرية.

كما اختص أبناؤنا بامتلاكهم عُصارة حُسن التربية وفقًا للمعايير الخاصة بالمُجتمعين المِصري والسُعودي، وهي من الميزات التي أحمد الله عليها كثيرًا في واقع الأمر.

فالهدف الأسمى من الزواج هو تكوين أُسرة تتسم بحُسن الخلق، المعرفة، الترابط الأُسري والسعادة في نهاية المطاف على كُل حدبٍ وصوب.

من أكثر الأمور المُميزة في هذا الصدد هو اطلاعي على التعامل والحوار الذي كثيرًا ما يدور بين أبنائي وزوجتي عندما تقوم بتدريسهم وتعليمهم، وحينها أُدرك في واقع الأمر السبب وراء اشتمال مدارس المملكة على هذا الكم من المُدرسين المِصريين الأكفاء.

وجب عليَّ القول إن فكرة نجاح تجربتي بالزواج من مصر ليست معيارًا على نجاح هذه التجربة بشكلٍ عام من عدمها في غيرها من الحالات، فالمعيار الرئيسي في فكرة الزواج ككُل هو حُسن الاختيار، وهذا ما يُبني عليه الرباط المُقدس، وقد منَّ الله تبارك وتعالى عليَّ بأن أحسنت الاختيار، وهو أمرٌ لا علاقة له بجنسية بل بشخصٍ وخصال.