كثيرًا ما أُحب الحديث عن تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان، يرجع السبب وراء ذلك إلى كوني أرى فيها دافعًا يُحفز مُحاربي هذه الخلايا اللعينة، فكثيرًا ما نسمع الشعارات الرنانة التي تقول إن الدعم النفسي أهم من العلاج ذاته، ومن خلال ما عانيته أُقر وأعترف أن ذلك صحيح، لذا قررت عبر موقع سوبر بابا مُشاركتكم رحلة الأمل الخاصة بي.

تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان

يُعتبر التعريف الخاص بالسرطان في المقام الأول كونه اضطراب يُصيب بعض الخلايا ويتسبب في تحولها إلى خلايا سرطانية ضارة، وهذا الاضطراب يُكسبها قُدرة كبيرة على النمو والانتشار بشكلٍ لا يُمكن التحكم فيه، وكُلما تُركت هذه الخلايا في جسم الإنسان كُلما سعت فيه فسادًا.

قبل الخوض في تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان وجب عليكم معرفة الشخص الذي يُحاوركم هُنا، أنا اسمي سارة، سيدة دخلت في هذا العام مُنتصف عقدها الرابع، ومنَّ الله عليَّ بذُريةٍ طيبةٍ من البنين والبنات، وأعيش في هذه الأيام استقرارًا كبيرًا على الصعيد الحياتي والنفسي لم أشهده من قبل.

لكن الحياة لا تكون دائمًا بنسقٍ واحد، فسُنة الحياة الدُنيا التقلب والتغير، ولا يُمكن لحالٍ أن يبقى بكُل تأكيد على ما هو عليه، وفي واقع الأمر كان كُل ما أرجوه مُنذ بضعة أعوام أن أعيش خُمس ما أعيشه من استقرارٍ اليوم، فأذكر أنه في بدايات فصل الصيف مُنذ قُرابة خمس سنوات عانيت من اضطرابات غريبة تسببت لي بالرُعب وأدخلت في قلبي الحيرة والقلق.

بدأ كُل ذلك حينما كُنت أستحم بعد يوم عملٍ طويل ومُرهق حقًا أتذكره حتى اليوم، وبعدما انتهيت من الاستحمام لاحظت في المرآة كُتلة يُمكن اعتبارها صغيرة الحجم نسبيًا تتواجد أسفل إبط ذراعي الأيمن.

كانت هذه الكُتلة صلبة بشكلٍ كبير، ولكن ما كان غريبًا بالنسبة لي حقًا هو أنني لم أشعر بأي ألمٍ يُذكر حين لمسي لها، وفي بداية الأمر ظننت أنها أحد الالتهابات التي تُصيب الغُدد الليمفاوية، فمن المعروف أن ذلك يُعتبر أمر شائع، ولكن لا يعني ذلك أنه لم تُساورني وتُراودني بعض الشكوك حول ما هو أكبر من ذلك.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع العلاج البيولوجي للقولون التقرحي

تشخيص وفحوصات قطعت الشك باليقين

فعلى الرغم من كوني قد حاولت إقناع نفسي بكون ما أمر به يُعتبر من صور الالتهابات المُرتبطة بالجهاز المناعي وخاصة الجُزء اللمفي منه إلا أنني لم أنم في تلك الليلة، وكان كُل ما يدور في ذهني الحيرة الكبيرة حول فكرة المُباشرة في الكشف المنزلي واليدوي.

فكُنت قد شاهدت بعض الإعلانات التوعوية التي شرحت خطوات هذه الطريقة التي تُعتبر كشفًا أوليًا أو مُبكرًا عن الإصابة بسرطان الثدي، وما أرعبني وجعلني أتوجس خيفةً أنهم قد ذكروا في هذا الإعلان كون سرطان الثدي يبدأ في الكثير من الأحيان من منطقة ما تحت الإبط.

فما كان مني إلا أن استجمعت قواي وقُمت بتطبيق هذا الكشف، فاستلقيت على ظهرت حتى تكون أنسجة الثدي أكثر رقة واتمكن من الوصول إلى مناطق عميقة منها، وبدأت في تحسس المنطقة بالكامل.

فعلى الرغم من كون كُل ما المسه خُيل لي كونه كُتل سرطانية إلا أنني استطعت أن أُميز كوني لامست بعض الأجزاء الصلبة والغريبة صغيرة الحجم، والتي شابها كونها صلبة الملمس أيضًا وعشوائية الشكل، ومن المؤسف أنها كانت حقيقية ولم يُخيل لي فقط لمسها.

لذا قُمت في صباح اليوم التالي بحجز موعد مع إحدى أشهر الأطباء المُختصين في هذا المجال، ولم تكن خطواتي في يومٍ من الأيام أثقل مما كانت عليه في هذا اليوم، وفور وصولي وزوجي إلى العيادة تملك الخوف مني إلى درجة ظننت فيها أنني على حافة الانهيار.

كُنت دون مُبالغة على شفا هاوية، وحين جاء دوري في الكشف حاولت استجماع قواي، ولقد كان واضحًا من رد الفعل الأولي للطبيبة بعد الكشف أنني على أعتاب بداية تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان، لكن الطبيبة قد طلبت مني إجراء اختبار لهذه التورمات للتأكد، وثبُتت كافة الشكوك والظنون فور صدور نتيجة ما يُعرف بالخُزعة.

اقرأ أيضًا: تجربتي الشخصية مع سرطان الثدي

اختيار العلاج الأمثل

كانت فكرة الانهيار هي الحل الأسهل بكل تأكيد، ولكنني قد فكرت في زوجي، أبنائي ووالداي، فكُلهم كانوا يدعمونني ويستحقون مني أن أكون قوية لأجلي ولأجلهم، لذا وبعد انتهاء وصلة طويلة من البُكاء والعويل قررت البحث عن الطُرق العلاجية الأمثل.

بريق الأمل في هذه اللحظة بالنسبة لي كان قول مُقدمة الرعاية الطبية حين بلغتني بكون سرطان الثدي الذي أُعاني منه لا يزال من الدرجة الأولى، ما يعني أنني قد كشفت عن هذه الكُتل السرطانية في مهدها، وهو أمرٌ شكرت الله عليه كثيرًا لو تعلمون.

فقد قالت لي إن فكرة استئصال الثدي والخضوع للعمليات الجراحية أمرٌ مُستبعدٌ وغيرُ مطروح، وسُبل الخيارات الأمثل كانت بين العلاج الإشعاعي، العلاج الكيماوي بالإضافة إلى نوع آخر يُعالج به السرطان ويُعرف باسم العلاج البيولوجي.

من المعروف أن العلاج الإشعاعي يتم من خلاله تطبيق حزمة من الإشعاع تُعرف بكونها عالية الطاقة، وتُساهم بشكل كبير في تقليص الأورام وتدميرها، وذلك مع الحفاظ قدر المُستطاع على الخلايا السليمة، أما العلاج الكيماوي فهو يتم عن طريق الحقن الوريدي، ويُساهم بقتل الخلايا السرطانية.

لكن العامل المُشترك بين هذين العلاجين كونهما يشتملان على آثار جانبية كبيرة ومُضاعفات جمة ظاهرية وباطنية، فالأعضاء والعظام تُصبح أضعف، ناهيكم عن تساقط الشعر وغيرها من الاضطرابات.

لذا قررت التعمق في البحث عن العلاج البيولوجي أو ما يُعرف بالعلاج الموجه، وعلمت أن هذا النوع من العلاجات يعمل في المقام الأول على تحفيز الجهاز المناعي الخاص بالمُصابين بالسرطان، فبشكلٍ عام يُكافح الجهاز المناعي الجراثيم وغيرها من الطفيليات، ولكنه في الكثير من الأحيان لا يقوى على التعرف على الخلايا السرطانية.

من أكثر ما يُمثل هذه الوسيلة العلاجية كونها تُصيب الخلايا السلمية بنسب أقل بشكل ملحوظ مُقارنةً بالعلاجات الأخرى كالعلاج الكيميائي أو حتى الإشعاعي، وهذا طبيعي لكون السلاح المُستخدم في هذا العلاج هو الجسم المناعي للجسد ذاته، لذا حددت اختياري، وبدأت بشكلٍ رسمي تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان.

اقرأ أيضًا: الفرق بين التهاب اللوزتين وسرطان اللوزتين

الرحلة العلاجية للسرطان

في إطار تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان علمت أن هذا النوع من العلاج له العديد من الصور والأنواع، فمنها ما يعمل على زيادة الأجسام المُضادة التي يولدها الجسم بشكل طبيعي، ولكن في هذه الحالة تُصنع في المُختبرات ويتم تناولها بشكل فموي.

كما أن هُناك أنواع أخرى من العقاقير الخاصة بالعلاج البيولوجي تعمل على إطلاق بعض الجُزيئات الصغيرة التي تُساهم بشكل كبير في منع ما تحتاجه الخلايا السرطانية من إشارات للنمو، ولا يتم تحديد نوع العلاج إلى بعد الوصول إلى نوع السرطان الذي يُعاني المرء منه.

فسرطان الثدي يشتمل على نوعين هُما سرطان الثدي الإيجابي HER2، وسرطان الثدي السلبي HER2، والنوع الأول أو الإيجابي يتم الميل فيه إلى استعمال العلاج الكيميائي، كم يُمكن استعمال ما يُعرف باسم التراستوزوماب، وهو من صور الأجسام المُضادة المصنوعة في المُختبر.

أما النوع الثاني أو السلبي يُفضل فيه استعمال علاجات بيولوجية تتمثل فيما يُعرف بالإيفيروليموس، وخاصةً في حال ما كانت السيدة قد وصلت إلى سن انقطاع الطمث، ولكن بالنسبة لحالتي حددت لي الطبيبة المُختصة مُثبطات توصيل الإشارة لتكون وسيلة العلاج في تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان.

تتمثل آلية عمل هذه المُثبطات في منع وحجب الإشارات التي تتواجد في الخلية السرطانية، ما يعمل على تثبيط نموها ووقف عملية الانقسام التي لا تقوم إلا بالاستناد إلى هذه الإشارات، وقد ساهمت هذه الآلية بشكل كبير في نجاح تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان.

الجدير بالذكر أنني عانيت من بعض الأعراض الجانبية والآثار البسيطة غير المرغوب فيها مثل:

  • إبداء الجسم ردود فعل تحسسية.
  • صعوبة التنفس.
  • الشعور بالغثيان.
  • الرغبة في التقيؤ.
  • الإصابة بالاضطرابات الهضمية مثل الحُمى.
  • القشعريرة.
  • الدوخة والشعور بالدوار.
  • الضعف العام والشعور بالتعب والوهن.
  • ظهور طفح جلدي بارز وحاك يُسبب تهيج الجلد.

في نهاية المطاف شُفيت تمامًا من السرطان، والجدير بالذكر أن هذا العلاج يستغرق فترة تبدأ من عام واحد كحد أدنى وحتى خمس أعوام وفقًا للحالة المرضية، وقد استغرقني العلاج التام عام ونصف العام تقريبًا، ولكن لم تكُن تجربتي مع العلاج البيولوجي للسرطان لتًكلل بالنجاح إلا بدعم أُسرتي، أصدقائي وقوتي العقلية والذهنية.