إن في معرفة حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة فيه توضيح للخط الفاصل بينما هو حلال وما هو حرام حول تلك الشعيرة المبدعة والتي لم يقرها الإسلام، حيث أمر الإسلام بحب النبي لكنه نهى عن المبالغة بالأفعال حول ذلك الشأن، لذا سنوضح اليوم على موقع سوبر بابا حكم الاحتفال بهذا اليوم.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة

اختلفت أراء الفقهاء ورجال الدين حول تشريع الاحتفال بيوم المولد النبوي تبعًا لما ورد بالمذاهب الأربعة من أحكام قد كانت مختلفة في رأيها أيضًا، باعتبار أنها محصلة جمع آراء واجتهادات الأئمة حول الأمر والنهي ببعض الأشياء التي يقوم بها المسلم من قول أو فعل.

كما أن المذاهب كانت امتداد لما كان يتبعه الصحابة من اجتهاد في العلم، وقد كان من ضمن هذا حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة تجنبًا للاعتقادات الخاطئة التي يصدرها الناس دون الرجوع إلى أحد المصادر الموثوقة كما هو الحال في قول تلك المذاهب.

حيث إن يوم المولد النبوي هو احتفال لدى الكثير من الدول العربية الإسلامية وقد أمر الإسلام بحب النبي حتى اكثر من النفس ولكنه نهى عن المبالغة في هذا الحب، والتي ينتج عنها فعل بعض الأمور التي قد توقع صاحبها في فخ الشرك بالله، فلحب النبي حدود لا يمكن تجاوزها أو تركها ولكن ينبغي السير على ما هو معقول وهذا ما جاءت به المذاهب الأربعة كما سنوضح قول كلًا منهما في تلك القضية على حدا.

1– رأي المالكية حول الاحتفال بالمولد النبوي

يرى المذهب المالكي أنه بدعة لا يجوز أن يتم الاحتفال بهذا اليوم، وهو في ذلك يرى أنه لا يوجد دليل واحد يمكن الإثبات به أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد احتفل بأي يوم من الأيام أو في أي سنة بعيد مولده الشريف كما هو الحال أيضًا بالنسبة للصحابة والتابعين.

مما يعني أن الأخذ باحتفال هذا اليوم من وجهة نظر المذهب المالكي يعتبر أمر غير مقبول ولا يمكن اعتباره إلا أنه بدعة قد اتخذها الناس دون وجود إثبات لها أو سند يمكن الرجوع إليه.

اقرأ أيضًا: حكم المنتحر عند الأئمة الأربعة

2– قول المذهب الشافعي حول الاحتفال بيوم المولد النبوي

على نفس النهج الذي سار عليه المذهب المالكي كان نفس ما قاله المذهب الشافعي بما فيه أنه بدعة ولا يوجد أصل أو دلالة لهذا اليوم بالاحتفال ذكرت في السنة أو في القرآن الكريم، وبالتالي لو وجود إسناد لها يمكن أن يقول أن هذا الأمر مباح.

3– حكم الاحتفال بالمولد النبوي حسب المذهب الحنبلي

لم يتم ذكر أي شيء في المذهب الحنبلي حول مدى صحة الاحتفال بهذا اليوم من عدمة، لكن بعض اتباع هذا المذهب من الحنابلة قالوا إن الاحتفال بهذا اليوم غرضه فقط التذكرة وليس بقصد الاحتفال أو التعظيم المبالغ فيه كما يظن بعض المذاهب الأخرى.

4حكم الاحتفال بالمولد النبوي عند الحنفية

كذلك كان الحال بالنسبة للمذهب الحنفي تجاه إمكانية الاحتفال بيوم المولد النبوي من عدمه، فليس لنا أي علم برائي الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بهذا.

بناءً على حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة فيمكن القول إن الاحتفال بهذا اليوم يعتبر بدعة لا يمكن العمل بها ولا يوجد لها أي دليل، وحتى لم يُفعل هذا في عهد الخلفاء الراشدين أو حتى التابعين لهم، ولم يقول أي مذهب من المذاهب الأربعة أن هذا اليوم مباح فيه الاحتفال، فبعضهم لم يرد به الذكر ومنهم من يرى أنه بدعه، ومن هذا المنطلق لا يمكن الاحتفال بهذا اليوم.

اقرأ أيضًا: حكم المرتد في المذاهب الأربعة

أقوال العلماء في جواز الاحتفال بالمولد النبوي

على جانب آخر تعددت أراء العلماء والشيوخ حول مسألة حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة، كما أن بعضهم قد رجح إمكانية الاحتفال ولكن عن طريق قراءة القرآن وقول الأحاديث النبوية، وليس بصيغة التعظيم أو ذكر أحد الصفات التي توقع صاحبها في فخ الشرك نتيجة للحب الزائد للرسول.

كما أن بعض الشيوخ قالوا إن الهدف من هذا الاحتفال هو فقط إحياء شعائر الدين الإسلامي وليس القصد منه هو الاحتفال بعينه، ومن أقوال الذين أجازوا الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي الشريف:

  • الشيخ محمد متولي الشعراوي: قال إن هذا الاحتفال هو أحد السمات التي يجب أن يتحلى بها المسلم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم الخلق ويستحق الفرح بقدومه والتبجيل بشأن يوم ولادته، ويحق للمسلم أن يظهر معالم الشعور والفرح بهذا اليوم.
  • الشيخ محمد النابلسي: يرى أن الاحتفال بهذا اليوم يعتبر ذكرى لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن ليس في يوم معين دون غيره، ويمكن اتخاذه قصد كصورة من صور الدعوة إلى عبادة الله بالالتزام بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
  • الدّكتور نوح القضاة: كان من أحد مؤيدي حق المسلم في إمكانية الاحتفال بيوم المولد النبوي بقصد محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي هو أعظم وأشرف الخلق، وهو واحد من أعظم النعم التي أعطاها الله سبحانه وتعالى إلى عباده المسلمين ليتخذوه قدوة بالالتزام بسنته.

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في البيت مع الزوجة

أقوال المعارضين للاحتفال بالمولد النبوي الشريف

كان من ضمن آراء العلماء والأئمة ما هو معارض لفكرة الاحتفال بيوم المولد النبوي، وهو ما كان مؤكد على حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب، وكان من أقوال العلماء:

ابن تيميّة: “اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنّها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له”.

قال تاج الدين الفاكهاني: “لا أعلم لهذا المولد النبوي أصلا في كتاب ولا سنّة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسّكون بآثار المتقدمين”.

ورد عن عبد العزيز بن باز أن “الاحتفال بالمولد النبوي -على صاحبه أفضل الصلَّاة وأزكى التَّسليم- بدعة لا تجوز في أصحّ قولي العلماء؛ لأن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يفعله، وهكذا خلفاؤه الراشدون، وصحابته جميعاً رضي الله عنهم، وهكذا العلماء وولاة الأمور في القرون الثلاثة المفضلة، وإنما حدث بعد ذلك بسبب الشيعة ومن قلدهم، فلا يجوز فعله ولا تقليد من فعله”، والله تعالى أعلم.

الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس له إسناد في أحد المذاهب الأربعة، ولكن إن كان الاحتفال بالتقرب من الله بقراءة القرآن واتباع سنة رسوله فلا حرج من ذلك.