حكم التدخين في المذاهب الأربعة يُبني على مدى ضرر التدخين للإنسان من عدمه، حيث إن التبغ أو التدخين ظهر في القرن العاشر من التقويم الهجري، وقبل ذلك لم يكن له أي أثر، فمنذ وقتها وبدأ العلماء والفقهاء في الاجتهاد على تحديد ما إذا كان التدخين مُحرم أم مكروه أم مُباح، وهذا ما سنهتم اليوم بعرضه من خلال سوبر بابا، وليس فقط ذلك بل سنعرض أضرار التدخين الصحية والاجتماعية.

حكم التدخين في المذاهب الأربعة

وجدت بعض الاختلافات بشأن حكم التدخين في المذاهب الأربعة، حيث إن هناك من أفتى بإباحته وفيهم من حرمه ومنهم أفتى بكراهته، وبناءً على هذا فلا يمكننا أن ننسب إلى مذهب معين أنه أباح أو حرم أو أشار إلى كراهة التدخين.

منذ أن ظهر التدخين وأُقيمت الخلافات بين علماء المذاهب الأربعة بشأن تعاطيه والحكم الشرعي في استخدامه، وكان الاختلاف قائم على هناك بعض العلماء الذي قالوا إن للتدخين فوائد وهناك من قالوا إنه العديد من الأضرار، وهناك من قال إن  منافعه مساوية لأضراره.

الجدير بالذكر أنهم مختلفين بشأن إذا كان للتدخين ضرر أم لا، وعند ثبوت ضرره يكون مُحرم بلا جدال، ولهذا تم الاستناد إلى ما يتم إثباته من قبل علماء الطب بشأن ثبوت الضرر الصحي للتدخين أو نفيه، وذلك لأنهم أهل الخبرة والمتخصصين في ذلك وليس علماء الفقه.

علماء الطب أوضحوا أن التدخين يتسبب في الكثير من الأضرار الصحية على صحة الإنسان بشكل عام وعلى الجهاز التنفسي والرئتين بشكل خاص، حيث إن التدخين يتسبب في الإصابة بسرطان الرئة وهو واحد من أخطر الأمراض التي تتسبب في وفاة الإنسان.

فكان حكم التدخين في المذاهب الأربعة بعد أن أشاروا علماء الطب أنه ضار تمامًا على الصحة؛ بأنه مُحرم شرعًا، حيث إن كل ما يضر بصحة الإنسان يتم تحريمه شرعًا، وأضرار التدخين معروفة لجميع الناس المتعلم منهم والجاهل ولهذا فيكون الحكم معروف سببه لعموم الناس.

اقرأ أيضًا: حكم المرتد في المذاهب الأربعة

هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين

في إطار عرض حكم التدخين في المذاهب الأربعة، يتساءل العديد من الأشخاص والمدخنين منهم بصفة خاصة بهل يوجد نص قرآني يحرم التدخين، وكيف يمكن تحريم نبات معين كالحشيش دون وجود نص.

تكون إجابة تلك الأسئلة أنه ليس ضروريًا أن يوجد نص يحرم الشيء بعينه، حيث إن المحرمات تتواجد بصورة مفردة، وهذه الأمور تندرج تحت قواعد عامة، والقواعد يمكن تحديدها وحصرها ولكن الأمور يكون من الصعب حصرها، ولهذا يتم قياس تحريمها من عدمه بناءً على القواعد التي تندرج تحتها تلك الأمور المفردة.

فنجد أن علماء الفقه أجمعوا على تحريم الحشيش على الرغم من عدم وجود أي نص قرآني أو حديث شريف مذكور فيه “نبات الحشيش” بعينه وأنه محرم بصورة خاصة، ولكن وردت الأدلة التي يتم الاستناد إليها وتكون هي القواعد الأساسية التي يندرج تحتها الأمور المفردة المتعددة، وهذه الأدلة تتمثل في الآتي:

  • قال الله عز وجل: ﴿وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلَى التَّهلُكَةِ وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾ [البقرة، الآية 195].
  • قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلا تَقتُلوا أَنفُسَكُم إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُم رَحيمًا﴾ [النساء، الآية 29].
  • قول الله عز وجل: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الخَبائِثَ﴾ [الأعراف، الآية 157].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا ضرَرَ ولا ضِرارَ” حديث حسن، رواه أبو سعيد الخدري.
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كُلُّ شَرَابٍ أسْكَرَ فَهو حَرَامٌ” حديث صحيح، روته السيدة عائشة رضي الله عنها.
  • حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أسكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ” حديث صحيح، رواه جابر بن عبدالله.

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في المسجد عند الأئمة الأربعة

أضرار التدخين

يوجد أكثر من جانب يمكن عرضه بصورة مفصلة فيما يخص أضرار التدخين، وهذه الجوانب يمكن تمثيلها فيما يلي:

1- الضرر الصحي

هناك مجموعة من الأضرار الصحية التي أشار إليها الأطباء وأجمعوا عليها، وهذه الأضرار هي:

  • الإصابة بالسعال وضيق التنفس.
  • خطر الإصابة بسرطان الرئة (حيث إن من 80 إلى 90% من مرضى سرطان الرئة مدخنون).
  • الإصابة بسرطان الفم (تكون نسبة إصابة المدخنين أكثر خمس مرات من الغير مدخنين).
  • الإصابة بأمراض القلب المختلفة.
  • حدوث نقص في تغذية أنسجة الفم بالأكسجين وبالتالي زيادة التهاب وموت الأنسجة بالفم.
  • ارتفاع نسبة البكتيريا الضارة بالفم وذلك بسبب تراكم مادة القطران به نتيجة التدخين لفترة طويلة.
  • اصفرار الاسنان ويتسبب في رائحة الفم الكريهة.
  • يتسبب في إصابة الرجال بالعقم.
  • انخفاض مستوى عمل الرئتين.
  • زيادة نسبة غاز أول أكسيد الكربون في الدم.
  • إعاقة القدرة البدنية على التحمل.

2- الضرر المالي

من ضمن الأمور التي سَيُسأل عنها العبد يوم القيامة هي ماله فيما أنفقه، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ حديث حسن صحيح، رواه أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد.

فنجد أن الشخص المدخن يقوم بشراء الشيء الذي يضره بنفسهِ ومنة حر ماله، وهنا يوجد دليل تحريم آخر، وهو قال الله عز وجل:

﴿يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ﴾ [سورة الأعراف، الآية 31].

فهل يكون العبد وقتها مستعد للإجابة عن هذا السؤال، وأنه قد أنفق جزء من ماله في التدخين والذي يعلم علم اليقين أنه محرم شرعًا بحكم المذاهب الأربعة، وليس فقط السؤال عن المال، فالتدخين يضر صحته أيضًا وسيتم سؤاله عن إنفاقه لماله وإتلافه لبدنه معًا.

3-  ضرر الاستعباد

يقع على الإنسان ضرر آخر من أضرار التدخين وهو الضرر النفسي، والمقصود من ضرر الاستعباد هنا هو أن عادة التدخين تجعل الإنسان أثير لهواه ولا يتمكن التخلص من هذه العادة بسهولة عند رغبته في الإقلاع عنه، فالأمر قد يستغرق بعض الوقت والكثير من محاولات الفشل والإحباط حتى يتم التغلب على هذه العادة الضارة.

الجدير بالذكر أن الاعتياد على التدخين يجعل الإنسان مستعبد، ففي كثير من الأحيان نرى الرجال تقتص من قوت أولادها من أجل شراء السجائر وإرضاء رغباته المزاجية، ففي حالة أن يعجز المُدخن عن ذلك سيواجه نوبة من العصبية المفرطة، وحدوث خلل في حالته المزاجية علاوة على التشتت الفكري وإثارة الأعصاب بشكل غير مبرر.=

اقرأ أيضًا: حكم المنتحر عند الأئمة الأربعة

نصائح الإقلاع عن التدخين

بعد معرفتنا بأن حكم التدخين في المذاهب الأربعة أنه حرام، سنوضح فيما يلي مجموعة من النصائح التي يجب اتباعها من أجل الإقلاع عن التدخين، وهذه النصائح هي:

  • عندما ترغب في التدخين يجب عليك أن تقوم بمضغ شيء ما في الفم كالحلوى أو العلكة الخالية من السكر، أو بذور عباد الشمس، وغيرهم.
  • يجب عليك أن تكون نشيط بدنيًا بحيث تتمكن من صرف الرغبة الشديدة في التدخين، فبمجرد شعورك بالرغبة في التدخين من الممكن أن تقوم بصعود السلم ونزوله أكثر من مرة، أو ممارسة التمارين البسيطة التي يمكن ممارستها في المنزل.
  • اتباع أساليب الاسترخاء المتعددة والتي من ضمنها ممارسة تمارين التنفس، أو الاستماع للموسيقى الهادئة والتأمل.
  • ذكر نفسك دومًا بأن التدخين حرام شرعًا وأنه يجب عليك أن ترضي الله عز وجل وتتبع أوامره وتجتنب ما نهى الله عنه.
  • تأخير نفسك عن تناول السجائر، فكلما رغبت في التدخين عليك أم تنتظر وتلهو نفسك في فعل أي شيء آخر.

التدخين من العادات السلبية الضارة بصحة الإنسان، ولذا فهو محرم تمامًا وذلك بالاستناد إلى حكم التدخين في المذاهب الأربعة، فقد قاموا ببناء حكمهم على أدلة من القرآن الكريم والسُنة النبوية بعد ثبوت ضرره على صحة الإنسان.