إلقاء خطبة عن الاستقامة يجب أن يتضمن الحُجج والدلائل التي تدعو إلى هذا الفعل من كتاب الله عز وجل، حيث يُشير مفهوم الاستقامة إلى الالتزام بالمنهج الذي وضعه الله لنا، والثبات عليه من خلال القيام بما فيه من أوامر، والابتعاد عن النواهي، ومن خلال موقع سوبر بابا نعرض المعلومات الكافية لعمل خُطبة ناجحة عن الاستقامة.

خطبة عن الاستقامة مكتوبة

“الحمد لله نحمدهُ ونستعينُه، ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له مُحمدًا عبدهُ ورسولُه، أمّا بعد: إن الثبات والاستقامة هو أمر شرعيّ من الله حث عباده على الالتزام به حتى ولو كلّفهم ذلك التضحية بالنفس، حيث إنها دلالة على سلوك العبد الطريق السليم المستقيم، وهو الدين القويم الذي لا اعوجاج فيه أبدًا.

يتمثل ذلك في التقرب إلى الله -عز وجل- من خلال القيام بالطاعات الظاهرة والباطنة منها، والابتعاد عن المنهيات جميعها بلا استثناء، فنجد أن ابن القيم قد وضع تعريف شامل للاستقامة، وقال إنها: كلمة جامعة، آخذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء”.

على كل مسلم ومسلمة الإدراك التام أن الاستقامة لا تُعني عدم الوقوع في الذنب فحسب، بل تُشير إلى مدى صبر العبد على الطاعة، والتوبة في حال ارتكاب الذنوب، ولا شك أن ذلك يعود بالأثر الإيجابي على حياتِه وحالتهِ النفسية.

حيث يرضى الله عنه في الحياة الدنيا، ويرزقه من الخير ما يتمنى وأكثر، أمّا في الآخرة يكون له عظيم الأجر، لكن بشرط أن يلتزم بالاستقامة على منهج الله فيتخذه أصل من أصول الإيمان، أي لا يحافظ على استقامة القلب فحسب، بل يجب أن تكون الاستقامة شاملة القلب والجوارح معًا.

يُمكن الاستدلال على خير الثواب الذي يحصل عليه المستقيم على منهج الله في طريق الحق من خلال الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت في ذلك، من أبرزها رواية ثوبان مولى الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: “استَقيموا ولَن تُحصوا واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ” صحيح ابن ماجه.

اقرأ أيضًا: خطبة عن الصداقة حقوق وواجبات

وسائل الثبات على الاستقامة

“بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا مُحمد، أمّا بعد.. إن الاستقامة هي الوفاء بالعهود كُلها، اِتباع كافة تعاليم الإسلام، فمن أسباب الاستقامة هي إرادة الله تعالى لعبادُه الهداية والوصول إلى طريق السلام، وتوفيقُه للطاعة والعمل الصالح.. فقد قال تعالى في سورة المائدة 15:16:

“يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ”.

وعليه، يستطيع العبد بدء طريقُه بالصلاح والثبات على الاستقامة بالإخلاص إلى الله تعالى قلبًا وموضوعًا، علاوةً على اِتباع سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والمداومة على الاستغفار والتوبة عن الذنب المُرتكب طيلة السنوات الماضية.. فحث الله تعالى على الاستغفار دائمًا ليفلح العبد في التوبة.

كما يجب يجب مُحاسبة النفس، فكيف كرم الله العبد بكافة هذه النِعم، ويغفل عنها مُرتكبًا لذنب حرمهُ الله على العباد لكيلا يعود عليه بالأضرار النفسية فيما بعد؟ فالمُحاسبة المُستمرة تحفظ المُسلم من الميل عن طريق الاستقامة.

علاوةً على إقامة الصلوات الخمسة، فهي الصلة الوحيدة بين العبد وربُه، وهي ما تُعينُه على ترك الفحشاء والمُنكر.. فقال تعالى في سورة العنكبوت: “اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)”.

ولا تنسى يا عزيزي المُسلم انتقاء الجليس الصالح، فهو من يُعين صاحبهِ على الطاعة.. وحفظ الجوارح عن المُحرمات كافة، سواء الصادرة من اللسان، أو البصر.. وبهذا يصل المُسلم إلى الطمأنينة لقلبِه، والعصمة من الوقوع في الزلل، والتكاسُل عن الطاعات.. ويصل إلى المكانة العالية في الآخرة.

اقرأ أيضًا: خطبة محفلية عن العلم

الاستقامة في القرآن الكريم

لقد جاءت العديد من الأساليب المختلفة يدعو بها الله عباده إلى الاستقامة في مواضع مختلفة من القرآن الكريم، ويجب أن تُدرج في الخطبة الدينية عن الاستقامة خاصةً في المُقدمة، من أبرزها:

  • اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ” الآية 6-7 من سورة الفاتحة.
  • فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” الآية 112 من سورة هود.
  • “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا” الآية 41-43 من سورة مريم.
  • “وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” الآية 54 من سورة الحج.
  • “يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ* إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ” الآية 1-5 من سورة ياسين.
  • “وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ* وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ* وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ* وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ* وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” الآية 114-118 من سورة الصافات.
  • “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ” الآية 30-32 من سورة فصلت.
  • “وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ” الآية 52-53 من سورة الشورى.
  • “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” الآية 13-14 من سورة الأحقاف.
  • “أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” الآية 22 من سورة الملك.
  • “إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ* لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” الآية 27-29 من سورة التكوير.
  • “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ” الآية 6 من سورة فصلت.
  • “أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ” الآية 60-61 من سورة يس.

اقرأ أيضًا: مقدمة خطبة عن المولد النبوي

يجب ألا يقتصر مفهوم الاستقامة في الخُطبة على مدى الالتزام بالمنهج الديني فحسب، بل يجب الإشارة إلى ضرورة حفظ هذا المنهج من التحريف، وأداء كافة متطلباته.