دائمًا ما يُقال إن فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب عديدة، فما صحة هذا الأمر؟ وهل من المُمكن أن يحل العلاج باستخدام الحرارة محل نظيره الذي يستخدم تقنية التبريد؟ في واقع الأمر هُناك العديد من المواقف اليومية التي تضعنا في حيرة اختيار الطريقة المُثلى للعلاج، ولعدم مواجهة هذا الموقف مرةً أُخرى نستعرض لكم عبر موقع سوبر بابا فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب.

فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب

بشكلٍ عام يرتبط الشعور بالحرارة والدفء ارتباطًا وثيقًا بالراحة والاسترخاء مُنذ الأزل، وذلك على عكس نقيضه والذي هو البرودة، فالتفكير في البرودة يجعلنا نتخيل الانكماش، وفي واقع الأمر هذا صحيح، فمن الناحية العلمية تتسبب الحرارة بتمدد أي شيء يتم تطبيقها عليه.

يُعد هذا هو الأساس الطبي لاستخدام كُل من الحرارة والبرودة في العلاج، وبين الانكماش والتمدد خُلق علم يُعرف بالعلاج باستخدام الحرارة، والجدير بالذكر أنه يُعتبر من أكثر الوسائل العلاجية فعالية سواء ما كان ذلك عن طريق التبريد أو التسخين، لذا يكثُر الخلط بين استخدام الحالتين.

على الرغم من كون الحيرة في استخدام البرودة والتسخين أمرًا شائًعا للغاية، إلا أن بعض الأطباء والمُختصين في هذا العلم يرونها من الأمور الغريبة، فمن وجهة نظرهم لا يُمكن لعلاجٍ أن يحل محل آخر، فتخيل أن تكون مُصابًا ببعض الحروق وتلجأ لاستخدام المياه الدافئة في تخفيف الألم، هذه هي نظرتهم للأمر.

في واقع الأمر يتشارك كُل من العلاج بالبرودة والتسخين في قُدرتهم على تسكين الآلام، إذن ما هو وجه الاختلاف؟ ولماذا يمتد النقاش حول الطريقة التي يجب استخدامها لساعات دون انقطاع؟

ما يُمثل الفارق هُنا في استخدام التبريد أو التسخين كون التبريد يمنع وصول الدماء للمنطقة، والتسخين يزيد منه، والعامل الرئيسي في اختيار هذه الوسائل هو الحالة المرضية التي يرغب المرء في علاجها.

فمن المعلومات الشائعة والمُتفق عليها كون الثلج يُساهم في علاج الكدمات وغيرها من حالات التورم، ولكن ما هي استخدامات الحرارة في العلاج؟ في الواقع يرتبط العلاج بالتدفئة ارتباطًا وثيقًا بالأوعية الدموية، الأعصاب وغيرها من الآلام التي تُعتبر كامنة وداخلية بشكل أكبر.

فيما يلي من سطور مقالنا هذا سنتناول أطراف الحديث حول أهمية التسخين والتدفئة في علاج الحالات المرضية المُرتبطة برسول الأوامر الدماغية، والمسؤول الأول عن الشعور بالبرد، الألم وغيرها من الحالات، نحن نتحدث هُنا عن الأعصاب وناقلاتها، ومن أمثلة فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب ما يلي:

1- التسخين هو جُندي مُكافحة التشنجات الأمهر

دائمًا ما تكون التشنجات العضلية مؤلمة للغاية، فعلى الرغم من كونها قد تبدو مُشكلة بسيطة، إلا أنها تتسبب في آلام جمة لمن يُعاني منها، لدرجة أن بعض الأطباء يصفونها بكونها المُتسبب الأول في كثرة ارتياد المرضى لغرفة الطوارئ على مدار اليوم بدايةً من بزوغ الفجر وحتى حلول عتمة الليل.

من أكثر الآلام المُرتبطة بالتشنجات العضلية شيوعًا هي آلام العضلات الموجودة أسفل الظهر، تتسبب هذه التشنجات في تقييد الدورة الدموية ومنع حركتها، وهو ما يتسبب في إرسال بعض الرسائل العصبية إلى الدماغ لطلب النجدة ويد العون بسبب ما تُعانيه من آلام.

في هذه الحالة يتم اللجوء إلى العلاج بالحرارة عن طريق استغلال واحدةٍ من أهم فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب ألا وهي توسيع الأوعية الدموية، فكُنا قد ذكرنا أن التسخين يتسبب في التمدد، وينتج عن ذلك استرخاء للعضلات المُتشنجة، وهو ما يسمح بنشاط الدورة الدموية في المنطقة التي يتم تطبيق الكمادات عليها.

اقرأ أيضًا: ما هي الفاكهة التي تقوي الأعصاب في المنزل

2- قُطاع الطُرق طيبون في رواية أحدهم

تحمل الأعصاب في نهايتها ما يُعرف باسم المُستقبلات الحسية، وهذه النهايات العصبية دائمة التنافس فيما بينها لإبلاغ العقل بالألم، وهو ما يجعلنا نشعر به في المقام الأول، فلولا هذه الناقلات لن يكون لأي شعور قيمة، سواء ما كان الألم، الإحساس بنعومة الملمس أو حتى الاحتراق.

الجدير بالذكر أن هُناك بعض المستشعرات التي تميل إلى الكتمان وعدم الإفصاح عن أسرار إصابة الجسم بالألم، وهُنا تأتي فائدة من أهم فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب ألا وهي تحفيز الحرارة للكالسيوم، فبنشاط قنوات الكالسيوم يتم قطع الطريق على المُستقبلات التي ترغب في الإفصاح، وتعزيز قُدرة المُستقبلات التي تميل إلى حفظ الأسرار بشكل كبير.

يُمكننا القول إن فائدة الكمادات الساخنة هُنا لها شقين، شق مُباشر في السيطرة على الألم من خلال تقييد حركة بعض المُستقبلات، وشق غير مُباشر يستهدف تعزيز نشاط غيرها.

هذا يُرسل للدماغ بعض الرسائل التي يُشير محتواها إلى كون كُل شيء في أحسن حال، وهذا أمر مُرعب في واقع الأمر، فقط تخيل أن كُل ما نشعر به ونعيشه مجرد رسائل وعمليات حيوية ينعدم شعورنا بها بانقطاع هذه العمليات وتوقفها.

اقرأ أيضًا: ما هي الأمراض التي يعالجها شرب الماء الساخن على الريق

3- يقال إن أصل كُل شيء كيمياء.. حتى الاسترخاء

كُنا قد ذكرنا مُسبقًا أن الحرارة تعمل على تمديد الأوعية الدموية، وفي واقع الأمر يتسبب ذلك في تقليل الإجهاد في جانبي شقيه البدني والعقلي على حدٍ سواء، فقد أثبتت العديد من الأبحاث العلمية وجود علاقة بين العلاج بالحرارة وبين مستوى الكورتيزول في الدم، وهو من الهرمونات التي يُفرزها الدماع استجابة للإجهاد.

فعند اللجوء إلى الكمادات الساخنة تقل أوامر الدماغ التي يوجهها للغُدة الكظرية لإفراز هذا الهرمون الذي يتسبب في التوتر، الالتهابات والإجهاد الذهني، كما أن العلاج بالحرارة يُقلل من الإجهاد التأكسدي الذي يُصيب العضلات، فالعلاج بالحرارة يتسبب في إفراز بعض المواد الكيماوية المُريحة ويمنع إفراز عكسها.

فهذا هو سبب شعورك بالراحة عند استخدام الساونا أو السبا، والجدير بالذكر فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب لا تقتصر على ذلك، فيتسبب التسخين في تحفيز إفراز السيتوكينات، وهي من البروتينات التي تُساهم في تعزيز قُدرة الرسائل العصبية على التواصل بين الخلايا المناعية وخلايا الجسم المُختلفة.

4- التحول من حالة التيبس إلى الليونة

تُعتبر حالات التصلب والتيبس من أكثر الإصابات التي تحث الرسائل العصبية على التعبير عن الألم، فحالة التيبس التي تُصيب الأنسجة الزُلالية للفقرات تتسبب في صعوبة أخذ هذه الفقرات والمفاصل لوضعها الطبيعي ومداها الحركي المعهود، كما أن التصلب يتسبب في حالة من الضعف والوهن العام.

يتم اعتبار قُدرة العلاج بالحرارة على تخليص فقرات الجسم من التيبس من أهم فوائد الكمادات الساخنة للأعصاب، فتُساهم الحارة بشكل كبير في جعل الأنسجة الرخوة أكثر ليونة حول فقرات العمود الفقري من بدايته وحتى النهاية، كما أنه يمنع ما يُعرف بالتصاق العضلات والأنسجة الضامة، فيُعيد للمفاصل المدى الطبيعي ويُسكن ألم التيبس.

اقرأ أيضًا: أسباب آلام المفاصل عند الاستيقاظ من النوم

5- علاج طبيعي يحل محل الأدوية

لا تقتصر ميزة العلاج الحراري على كونه واحدًا من أكثر صور العلاجات فعالية وكفاءة فحسب، بل تمتد قائمة مميزاته لتشتمل على انخفاض تكلفة تطبيق هذا العلاج بشكل كبير للغاية مُقارنةً بالعلاجات الأخرى غير الطبيعية.

كما أن الكمادات لا ينتج عن استخدامها آثار جانبية أو أعراض، وهذا ما يتنافى مع المبدأ الأول للدواء، فالعقاقير الكيمائية لا بُد وأن تشتمل دائمًا على نسبة من المخاطر حتى وإن لم تزد عن 1%

هُناك العديد من الاستراتيجيات التي يُمكن من خلالها الاستفادة من القُدرة العلاجية للحرارة، والبشر يُبدعون في القيام بذلك في واقع الأمر، ومن أكثر الاستراتيجيات التي تلفت الانتباه هُنا هو القيام بتدفئة الملابس عند ارتدائها صباحًا، فذلك يُعد من صور التدليك الطبيعي لعلاج الآلام والتصلُبات الصباحية.