قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب بدأت بعد أن كان واحدًا من أشد الكارهين للدين الإسلامي، وأكثر من يعترض طريق غيره باستمرار فور معرفته بدخول أحدهم في الإسلام، أو إعلانهم عن اعتناق الدين الإسلامي، لكن شاء الله أن يُدخله في دينه الحق، ويصبح من عباده الصالحين، ومن خلال موقع سوبر بابا نتعرف على قصة إسلام الفاروق بالتفصيل.

قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب

تحوي قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب الكثير من التفاصيل بين طياتها، والتي توضح مدى قوته وبروز شخصيته بين أبناء عصره، وقد كان الرجل الأربعين الذي يدخل في الإسلام، وقِيل خمسون أو ست وخمسون، لكن ما هو أكيد أنه دخل الإسلام في عمر السادسة والعشرين، مع العلم أن قصة إسلامه أتت على المراحل التالية:

1- تصميم عمر على قتل النبيّ

رغب كفار قريش في قتل النبيّ، وأخذوا يتشاورون في الأمر ويختارون من سيفعلها، فتطوع عمر للقيام بذلك، حيث قام حاملًا سيفه في يوم شديد الحر، ثم ذهب إلى موقع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فوجده جالسًا مع أصحابه ومنهم أبو بكر الصديق، وحمزة، وعليّ رضي الله عنهم.

بالإضافة إلى بعض الصحابة الذين أقاموا مع الرسول ولم يذهبوا إلى الحبشة، فكانوا مُجتمعين في دار الأرقم الموجود أسفل الصفا، وأثناء رحلته في الذهاب قابل نُعيم بن عبد الله النحام وقد كان داخلًا في الإسلام في هذا الوقت، وهو من اعترض طريقه وسأله عن وجهته.

فأخبره أنه يريد قتل النبيّ بسبب أنه سبّ آلهتهم، وسخّف من دينهم، وعندما اشتد صياحهم سويًا وأخبره نُعيم أن بني عبد مناف لن يتركوه سأله عمر عما إذا كان مُسلمًا حتى يبدأ بقتله أولًا قبل النبيّ، ولمّا رأى نُعيم أنه لا فائدة من الحديث معه ولن تُصرف فكرة قتل النبيّ من عقله أخبره أن أهله وأخته وزوجها وابن عمه قد اعتنقوا الإسلام.

اقرأ أيضًأ: من هو أول فدائي في الاسلام

2- معرفة عمر خبر إسلام أخته وزوجها

هنا كانت المرحلة الثانية وقد عرف عمر أمر إسلام أفراد عائلته، فذهب إلى بيت أخته فاطمة وزوجها سعيد، وقد كان عندهم الصحابيّ خباب بن الأرت يُعلمهم القرآن الكريم، ولما وصل عندهم كان يقرأ لهم من سورة طه، فسمعهم عمر، وعندما دخل عليهم اختبأ خباب.

لذا سأل عمر عن الصوت الذي سمعه وهو في حالة شديدة من التذمّر، فأجابوه بأنه مُجرد حديث دار بينهم، وعندما ردّ عليهم قائلًا: “لعلكما قد صبوتما” قال له سعيد: “أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟” فقام حتى يضربه لكن منعته فاطمة.

لكنّه ضربها على وجهها فصاحت وهي غضبى تقول: “يا عمر إن كان الحق في غير دينك” وبعد مشدات يئس منها عمر طلب الكتاب الذي كانوا يقرأون فيه، لكنّها لم تُرد أن تعطيه له إلا عندما يتطهر، فوافق وقام ليتطهر، ثم بدأ بالقراءة.

في هذا الوقت أُصيب عمر بالتعجب من حُسن الكلام الذي قرأه، وفي تلك اللحظة خرج خباب ليُخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا له بالإسلام والهداية، فشعر عمر بانشراح الصدر وبات يسأله عن مكان النبي ليذهب له ويُشهر إسلامه، وحينها أخبره خباب أنه في دار الأرقم بن أبي الأرقم.

3- ذهاب عمر إلى النبيّ محمد

استكمالًا لقصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب نجد أنه بدأ يشق طريقه إلى مكان النبي، حتى وصل وطرق الباب على الصحابة، وعندما عرفوا أنه عمر بن الخطاب أصابهم الخوف الشديد إلى درجة الفزع، فاعتقدوا أنه قاتلهم عندما سمعوا صوته، لكنّ حمزة رضي الله عنه بدأ يطمئنهم.

حيث قال لهم: ” إن يُرد الله به خيراً يُسلم، وإن يُرد غير ذلك يكن قتله علينا هينًا” لذا أدخلوه إلى رسول الله وكان حمزة ورجل آخر يمسكان بعضديّ عمر، واقتادوه للرسول، فنهض وأمرهم بتركه، ثم بدأ يسأله عن سبب مجيئه، فأجابه عمر أنه يرغب في اعتناق الدين الإسلامي.

بات يكبّر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وعندما علِم من في البيت بهذا الأمر فرحوا وتأكدوا أنهم صاروا أكثر قوة من خلال إسلام حمزة وعمر -رضي الله عنهما- وهو ما حدث بالفعل.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي تسلم عليه الملائكة وتزوره

4- إعلان عمر بن الخطاب عن إسلامه

بعدما أعلن عمر بن الخطاب عن إسلامه بين يدي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سأله عمر عما إذا كانوا على طريق الحق أم لا، فأخبره الرسول قاسمًا بالله أن المسلمين على حق في حياتهم وحتى مماتهم.

ثم ظهر استغراب عمر من اختبائهم في دار الصفا بعيدًا عن كفار قريش، وأقسم للنبيّ أنهم سيخرجون مُعلنين إسلامهم جهرًا أمام الجميع، فخرج هو وحمزة بن عبد المطلب في صفين منتظمين من المسلمين، وقد اتجهوا إلى الكعبة الشريفة وأعلن عمر إسلامه أمام كفار قريش.

منذ هذا الوقت أطلق النبيّ على عمر لقب الفاروق؛ نظرًا لأنه استطاع التفريق بين الحق والباطل، وقد أُصيب كفار قريش باكتئاب لم يمرّوا بمثله قط، خاصةً أن حمزة وعمر قد اعتنقا الدين الإسلامي.

تاريخ اعتناق عمر بن الخطاب الدين الإسلامي

لم يُحدد التاريخ الذي دخل فيه عمر بن الخطاب الإسلام، لكن ذكر ابن إسحاق أنه اعتنق الإسلام بعد هجرة النبيّ الأولى إلى بلاد الحبشة، كما قِيل على لسان الواقدي أنه أسلم في شهر ذي الحجة من السنة السادسة للبعثة.

لكن ما هو أكيد أنه أسلم بعد دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: اللَّهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذينِ الرَّجُلَيْنِ إليكَ بأبي جَهْلٍ أو بعُمرَ بنِ الخطَّابِ قالَ: وَكانَ أحبَّهما إليهِ عمرُ وهو ما جاء مرويًا عن عبد الله بن عمر في صحيح الترمذيّ.

اقرأ أيضًا: من هو سيد القراء

أثر إسلام عمر بن الخطاب في الدعوة الإسلامية

أثّرت قصة إسلام الفاروق عمر بن الخطاب في أمور عديدة وقتما حدثت، وكان أثرًا إيجابيًا ظهر على المُسلمين والدين الإسلامي بأكمله، فأصبح المسلمون يصلون علانيةّ بعدما كانوا لا يستطيعون فعل ذلك أبدًا أو أي فعل يُشير إلى تعاليم الدين الإسلامي التي كانوا يأخذونها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فكان يُعلمهم القرآن الكريم في الخفاء، خوفًا من أذية المشركين لهم، وإنما منذ إسلام عمر -رضي الله عنه- ظهرت قوة الإسلام والمسلمين، وصار الجميع يُعلن إسلامه دون خوف من كفار قريش، بعدما قويت قلوبهم وعُزّ دينهم الحنيف، وقد جاءت العديد من أقاويل الصحابة التي دعمت هذا الأثر الطيب، من أبرزها:

  • رواه قيس بن أبي حازم: قَالَ عبدُ اللَّهِ: مَا زِلْنَا أعِزَّةً مُنْذُ أسْلَمَ عُمَرُ” صحيح البخاري.
  • الراوية عائشة أم المؤمنين: اللَّهمَّ أَعزَّ الإسلامَ بِعُمرَ بنِ الخطَّابِصحيح بن ماجه.
  • رواية زيد بن عبد الله: عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قال: بيْنَما هو في الدَّارِ خَائِفًا، إذْ جَاءَهُ العَاصِ بنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ أبو عَمْرٍو، عليه حُلَّةُ حِبَرَةٍ وقَمِيصٌ مَكْفُوفٌ بحَرِيرٍ، وهو مِن بَنِي سَهْمٍ، وهُمْ حُلَفَاؤُنَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقالَ له: ما بَالُكَ؟ قالَ: زَعَمَ قَوْمُكَ أنَّهُمْ سَيَقْتُلُونِي إنْ أسْلَمْتُ، قالَ: لا سَبِيلَ إلَيْكَ، بَعْدَ أنْ قالَهَا أمِنْتُ، فَخَرَجَ العَاصِ فَلَقِيَ النَّاسَ قدْ سَالَ بهِمُ الوَادِي، فَقالَ: أيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقالوا: نُرِيدُ هذا ابْنَ الخَطَّابِ الذي صَبَا، قالَ: لا سَبِيلَ إلَيْهِ، فَكَرَّ النَّاسُ” صحيح البخاري.

مع العلم أن الكآبة والحزن قد أصابوا كفار قريش فور معرفتهم بموضوع إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث ذهب يُخبر أبا جهل بإسلامه دون الشعور بالخوف إطلاقًا، لذا فإن لعمر الفضل الكبير في أن تُعلن الدعوة الإسلامية بسلام.

عُرف عمر بن الخطاب بشخصيته القوية وبأسه الشديد، وهو الشخص الذي عزم على قتل النبيّ محمد بعد كثرة عدد من اعتنقوا الدين الإسلامي، لكن أراد الله أن يهديه إليه فأسلم.