لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل؟ وكيف يمكننا التغلب عليها؟ مَن منا لم يمر بذكرى مؤلمة لطالما كان لها صدى في حياته، إما أن يكون ذلك الصدى إيجابي، وإما أن يكون سلبي، وهذا الأمر يرجع لك بالطبع، وها نحن الآن من خلال موقع سوبر بابا سنناقش معكم سبب مصاحبة الذكريات المؤلمة لنا لوقت طويل، وكيفية تحويل تلك الذكريات إلى أمور إيجابية في الحياة الواقعية.

لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل؟

إن الذكريات المؤلمة من أكثر الأمور التي تؤثر في النفس البشرية بشكل كبير، وذلك لأنها لا تستقر فقط في العقل وإنما ترتبط بالقلب أيضًا، حيث إن لكل ذكرى مؤلمة شعور تسبب للقلب في الأذى، فكلما تذكرها الشخص كلما تذكر ذلك الشعور المؤلم.

لكننا ما زلنا نريد أن نعرف لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة؟ في إطار إجابتنا عن ذلك السؤال لا بد أن نعلم جيدًا أن أي ذكرى مؤلمة قد عشناها في زمن أسبق لن تعود مجددًا، ولن نستطيع تغيير ما حدث آنذاك، ولكن ما يمكننا فعله هو التعلم مما قد مررنا به، وتحويله إلى حدث إيجابي في الحاضر والمستقبل.

أما عن أسباب مصاحبة الذكريات المؤلمة لنا لزمن طويل فهي تتفاوت وتختلف من شخص لآخر، ومنها ما يكون قوي ومنها ما يكون غير ذلك، والآن سنوضح لكم أهم تلك الأسباب من ما يلي:

1ـ صدمة نفسية

ممن الممكن أن يمر الشخص بحدث مؤلم يتسبب له في شعور بالغ الأسى يظل يصاحبه لفترة زمنية طويلة جدًّا، ومن الممكن أن يتسبب له في عقدة نفسية أيضًا، وهذا الأمر هو أحد أقوى أسباب مصاحبة تلك الذكريات المؤلمة لزمن طويل.

2ـ رموز الأسى

إن الأحداث الأليمة التي قد نمر بها ترتبط برموز مادية عدة، ويمكن لتلك الرموز أن تظل مستقرة في ذاكرتنا إلى الأبد، فعند رؤية رمز من تلك الرموز أمام عينيك، يجعلك هذا تتذكر على الفور الذكرى الأليمة المتعلقة بهذا الرمز، وتلك الرموز قد تتمثل في أشياء بسيطة للغاية لا يُمكنها أن تتسبب في أذى أي شخص.

لكنها بالنسبة لك تكون ذات أذى نفسي كبير عليك، ويمكن أن تكون تلك الرموز مثل: لون معين أو مكان مميز بالنسبة لك، أو رائحة مميزة سواء أكانت زكية مثل رائحة عطر يذكرك بشخص عزيز لم يعد موجود الآن، أو يمكن أن تكون تلك الرائحة كريهة كرائحة الحريق مثلًا.

كما يمكن أن يتمثل ذلك الرمز في وقت معين سواء أكان وقت الصباح أو الليل، أو يوم من أيام الأسبوع أو شهر أو حتى فصل من فصول السنة.

إن رموز الأسى عديدة ولا حصر لها، وتعد من أقوى الإجابات عن سؤال لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل، ولكن لا يجب أن تجعلوها ذات أثر سلبي عليكم يُعرقل حياتكم بأي شكل من الأشكال، بل حاولوا أن تجعلوها حافز لكم لتكونوا أفضل بتحقيق آمالكم وطموحاتكم بالحياة.

اقرأ أيضًا: علامات الحب الحقيقي عند الرجل في علم النفس

3ـ الفروق الفردية في تخليد الذكريات

من المعروف أن لكل منا صفات تميزه عن الآخرين، ومن تلك الصفات هي صفة تخليد الذكريات سواء أكانت إيجابية أو سلبية، كما أن هناك أشخاص يتميزون بتخلديهم للذكريات الإيجابية حتى تدفعهم إلى الأمام بصورة دائمة، وذلك بالطبع يكون مع تخطيهم للذكريات السلبية أو تحويلها لإيجابية كما سنوضح لكم فيما بعد كيفية فعل ذلك الأمر.

هناك أيضًا أشخاص يخلدون الذكريات السلبية المؤلمة في خاطرهم، ويجعلون أنفسهم أسرى لتلك الذكريات، وهؤلاء الأشخاص هم أكثر من يطرحون سؤال لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل، وذلك يرجع إلى عدم قدرتهم في تحقيق آمالهم، واستسلامهم لتلك الذكريات بشكل تام.

4ـ النظرة السلبية للأمور

من الأسباب التي تجعل الذكريات المؤلمة تصاحبنا لوقت طويل هي تسليط الضوء على الاحتمال السلبي دون النظر إلى أي احتمالات إيجابية لنفس الأمر، فكثير منا مع الأسف ينظر إلى الأمور من الجانب المظلم دون أن يرى الضوء الذي يكمن في الجهة الأخرى، أو كما يقال “ينظر إلى نصف الكوب الفارغ دون النظر إلى النصف الممتلئ”.

فهؤلاء الأشخاص يعانون كثيرًا في حياتهم، ويشعرون بأنه لا يوجد جمال في الحياة، وذلك لأنهم يخلدون ذكريات سلبية أكثر بكثير من الإيجابية، بالرغم من إمكانية تحويل تلك الأمور السلبية إلى أمور إيجابية بنظرة تفاؤل واحدة، لذلك نقدم لكم نصيحة مأثورة ألا وهي “تفائلوا بالخير تجدوه”.

5ـ وجود أشخاص تجدد الأسى

من الممكن أن تكون الذكريات المؤلمة مرتبطة بأشخاص قد تسببوا فيها، وهؤلاء الأشخاص تربطنا بهم علاقات قرابة أو عمل أو غير ذلك من العلاقات التي تحتم مقابلتهم أو التعامل معهم، وبذلك فإن هؤلاء الأشخاص يكونون أحد الإجابات عن سؤال لماذا تُصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل.

كيفية نسيان الماضي المؤلم

كما نعلم جميعًا أن الذكريات المؤلمة لا تُنسى، ولكننا يُمكننا أن نتناساها بمرور الزمن، وذلك يكون بعدة طرق بسيطة يمكننا جميعًا تنفيذها، والهدف من تلك الطرق هو تحويل الذكريات السلبية إلى ذكريات إيجابية (وهو ما يُسمى في علم النفس بإعادة التقييم المعرفي)، والآن سنوضح لكم تلك الطرق من خلال الفقرات التالية:

1ـ كتابة أخطاء الماضي

يجب على كل إنسان قد مر بحدث مؤلم سواء أكان هو السبب فيه أم لم يكن، أن يكتب ما تسبب في ذلك الحدث، وكيف تعامل معه، وما الأخطاء التي وقع فيها، وذلك كله حتى يتلاشى الوقوع في مثل ذلك الألم مجددًا.

2ـ استبدال الألفاظ السلبية بألفاظ إيجابية

لا بد على كل شخص قد واجه أمر تسبب في أذى نفسي بالنسبة له، ألا يوجه الاتهام لنفسه وأن يستبدل أي لفظ سلبي بآخر إيجابي يعمل على تحسن أحواله في المستقبل.

يمكن أن نضرب مثالًا بسيطًا على ذلك وهو”إن حدث معك موقف وشعرت أنه تم خداعك فيه، مما جعلك تشعر أنك مغفل، فلا تقل عن نفسك ذلك مطلقًا، وإنما استبدل لفظة (انخدعت) بلفظة (تعلمت)”، ونعدك أنك ستجد حياتك تبدلت إلى حال أفضل بكثير مما كانت عليه قبل اتباعك لتلك الطريقة.

3ـ الحياة لعبة

لا بد أن نعلم جيدًا أن الحياة تشبه اللعبة، أي أننا يمكن أن نخسر أو نفوز فيها، ولكن لا توجد خسارة دائمة أو فوز دائم، وهذا ما يدفعنا للمحاولة من جديد حتى نعلم أسباب الخسارة حتى نحقق الفوز في المحاولة القادمة.

فإن تعاملنا مع الحياة على أنها لعبة، سنستمتع كثيرًا، ونكتسب خبرات لا حصر لها، وستتحول الذكريات الحزينة والمؤلمة إلى وقود يدفعنا لتحقيق النجاح في الحياة.

اقرأ أيضًا: أسباب النوم الكثير المفاجئ عند كبار السن

حقائق ونصائح لنسيان الماضي المؤلم

في ظل الإجابة عن سؤال لماذا تُصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل، لا بد من توضيح أن هناك تسع حقائق لنسيان الماضي المؤلم إن تعرفنا إليها سنتجنب الوقوع في أسر تلك الذكريات المؤلمة، وسنوضح لكم هذه الحقائق الآن من خلال الفقرات القادمة:

1ـ إن الأوقات المؤلمة ستمضي لا محالة

هناك حقيقة يجب أن ندركها جميعنا ألا وهي أن الحزن مهما كان كبيرًا ومؤلمًا فور حدوثه، فإنه حتمًا ولا محالة سيصغر ويكاد أن ينتهي مع مرور الزمن، فلا يجب أن نستسلم لذلك الحزن أو نتصور أنه سيظل مُصاحبنا إلى الأبد، لأن نسيانه ومروره يعد من أعظم نعم الله علينا ورحمته بنا.

2ـ الفراغ عدو لئيم

إن أوقات الفراغ الطويلة تعد أسوأ عدو يُذكرنا بأي حدث أو ذكرى مؤلمة قد عشناها في يوم من الأيام، لذلك لا بد من استغلال الوقت فيما هو نافع، سواء بالانشغال في العمل أو الدراسة أو ممارسة أحد الهوايات الممتعة بالنسبة لكم، كما يمكن الجلوس مع أحد الأشخاص المحببين بالنسبة إليكم، وذلك لتتجنبوا لقاء ذلك العدو اللئيم.

3ـ دعم الروح

إن روحنا تحتاج إلى دعمٍ دائم، وذلك الدعم لن يتحقق إلا باللجوء إلى الله عز وجل، أي بقراءة القرآن الكريم ومحاولة فَهم رسائله الكامنة التي لا ترى إلا بالبصيرة (ألا وهي عين القلب)، وذلك مع الإيمان التام بأن كل ما يحدث لنا هو خير لأنه من عند الله، حتى وإن كان في ظاهره ألم وأسى، فبكل تأكيد سيكون في باطنه رحمة لنا بإذن الله.

4ـ لا تدفن آلامك بداخلك

إن الذكريات المؤلمة بالطبع تكون مؤرقة ومتعبة كثيرًا بالنسبة لحامليها، ولكن آلامها ستكون أشد كلما احتفظنا بها، لذلك لا بد من انتقاء الشخص المناسب ـ الذي يتصف بالأمانة ـ حتى تفرغ ما بداخلك له، لأن ذلك الأمر سيكون له أثر إيجابي بالغ عليك.

5ـ خذ وقتك لنسيان الماضي المؤلم

إن الأحداث المؤلمة التي قد نمر بها في حياتنا لا يكون نسيانها أمر سهل، لذلك لا تتعجلوا في نسيانها، ولا تلوموا أنفسكم في عدم المقدرة على نسيانها في وقت قصير، ولكن أيضًا لا تظلوا أسرى لها، وحاولوا التغلب عليها بشتى الطرق الممكنة.

6ـ التسامح مع الماضي

مهما كان الماضي مؤلمًا، ومهما كثر الأشخاص المتسببون في ذلك الألم، فيجب أن تعلم أن التسامح من الأمور التي ستساعدك كثيرًا في تخطي ونسيان تلك الذكريات المؤلمة.

لذلك ننصحك بأن تسامح لأجلك لا لأجلهم حتى تحقق السلام النفسي بداخلك، وتهنئ بحياتك.

7ـ اضحك على أخطائك

لطالما نعلم أن السخرية من الأمور السيئة، ولكن هناك حالة من السخرية تكون بناءة، ويمكن أن تُضفي روحًا من المرح على الآلام، ألا وهي السخرية من الأخطاء والأحزان التي تواجهك أنت، وذلك لتخطيها بمنتهى السلاسة دون الشعور بالألم البالغ بسببها.

لكن يجب الانتباه أنك أنت من تسخر من أخطائك، وليس شخص آخر، لأنه في هذه الحالة سيكون لها صدى سيئ للغاية عليك، إذن فلا تسخر من أخطاء أو أحزان أحد، ولا تدع أحد يسخر من أخطائك وأحزانك.

8ـ لا تأخذ دور الضحية

لا تضع نفسك أبدًا في دور الضحية، لأن ذلك الدور سيجعلك أسير أخطائك وأحزانك، وذلك يرجع إلى أنك تشعر بأن الخطأ الذي وقعت فيه لست أنت المتسبب فيه، وإنما هناك ظروف أو أشخاص هم السبب في ذلك الخطأ أو الحدث المؤلم.

من المعروف أن دور الضحية يكون أسهل من المواجهة، ولكنك لا بد أن تعلم أنه سيجعلك أسير ذلك الماضي المؤلم.

اقرأ أيضًا: تصرفات الرجل عندما يحب في علم النفس

9ـ يجب أن تحيا

طالما ما زلنا أحياء لا بد من أن نحيا ونستمتع بالحياة، ولا ندع الذكريات المؤلمة تأسرنا في ماضيها، لأن ذلك لن يعود علينا بالنفع مطلقًا.

لذلك يجب أن نترك خيبات الماضي للماضي، ونحقق آمالنا وطموحاتنا، ولا نتخاذل عن ذلك أبدًا مهما حدث.

إن أردنا معرفة لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل، يجب أن يكون الهدف من ذلك هو تخطي تلك الذكريات المؤلمة لنعش حياة سعيدة مليئة بتحقيق الآمال والطموحات البناءة.