لماذا يصوم المسلمون يوم عاشوراء؟ ولماذا سُمي بهذا الاسم؟ صيام يوم عاشوراء من السنن التي أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها، ومن المستحب صيامها ويؤجر المسلم على ذلك أجرًا عظيمًا.. لكن لماذا أمرنا الرسول بصيام ذلك اليوم؟ وما أجر صيامه؟ هذا ما نتناوله معًا من خلال موقع سوبر بابا.

لماذا يصوم المسلمون يوم عاشوراء؟

يوم عاشوراء هو اليوم الذي كتب الله -سبحانه وتعالى- فيه النجاة لسيدنا موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، فعندما سافر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة المنورة وجد اليهود يصومون ذلك اليوم ولما سأل عن سبب صيامهم لهذا اليوم فقالوا:

عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ” قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ رواه البخاري (3943)، ومسلم (1130).

هكذا أوردنا السبب وراء صيام المسلمين يوم عاشوراء، وبقي لنا أن نوافيكم بالمزيد عن هذا اليوم الجليل.

اقرأ أيضًا: إذاعة عن يوم عاشوراء كاملة وجاهزة

هل اقتدى الرسول باليهود في صيام يوم عاشوراء؟

قد يأتي في أذهان البعض أنَّ الرسول اقتدى باليهود في صيام يوم عاشوراء ولكن ذلك ليس بحقيقة لأنه كان يصوم ذلك اليوم قبل أن يهاجر إلى المدينة المنورة، وقبل علمه بصيام اليهود هذا اليوم.

كما كان العرب في الجاهلية يصومونه وتكسو فيه الكعبة وذلك وفقًا للأحاديث المروية في صيام ذلك اليوم.. يوم عاشوراء حيث: “روى عن عكرمة أن قريشًا أذنبت ذنبًا في الجاهلية، فعظم في صدورهم، فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك عنكم “.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “نحن أحق بموسى منكم” ولم يقل سنصوم مثلكم؛ فأمر الرسول بصيام ذلك اليوم وفي ذلك بيان لقدرة الله -سبحانه وتعالى- وانتصارًا للحق.. والمسلمين أحق بأن يصوموا هذا اليوم من اليهود.

أيضًا روى مسلم عن ابن عباس: قال: لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال: إذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع” قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كل ذلك تأكيد على مخالفة الرسول لليهود وعدم اقتدائه بهم، وبيان الحكمة من صيام يوم تاسوعاء أو صيام اليوم الحادي عشر أو كليهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عَاشُورَاءَ: “لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأصُومَنَّ التَّاسِعَ”. (الفتاوى الكبرى ج6: سد الذرائع المفضية إلى المحارم).

موعد يوم عاشوراء

يوافق يوم عاشوراء اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري.. وكما روى عن البعض نذكر:

  • قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (4/441): فإن عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ الْمُحَرَّمِ.
  • قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: “أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، يوم الْعَاشِرِ”. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (759) وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ انتهى. قلت: والحديث صححه الألباني وهو قول جمهور العلماء.

لماذا سمي يوم عاشوراء بهذا الاسم؟

استنادًا إلى ما سبق ذكره في صيام المسلمين ليوم عاشوراء.. فإنه سُمي بذلك نسبةً إلى موعده الموافق اليوم العاشر من شهر محرم.

حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا

بعد أن وضحنا الإجابة على السؤال لماذا يصوم المسلمون يوم عاشوراء فقد يتساءل الكثير منّا هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا؟ أم يجب صيام يوم قبل أو بعد يوم عاشوراء؟ أم يجب صيام اليوم التاسع والعاشر والحادي عشر؟ ولوقف هذه الحيرة عند الكثير سنجيب على هذه التساؤلات:

  • صيام يوم عاشوراء سنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والسنن مستحبة وليست واجبة؛ وبالتالي لا يأثم المسلم على ترك صيام يوم عاشوراء.
  • يفضل صيامه وأجره وثوابه كبير عند الله.
  • إذا لم نقم بصيام يوم قبله أو بعده فلم نأثم على ذلك.

كما روى عن البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومُه. فلمّا قدِم المدينة صامَه، وأمرَ الناس بصيامِه فلمّا فُرِض رمضانُ قال: “مَنْ شَاءَ صامَه ومَنْ شَاءَ تَرَكَه”.

  • أيضًا يفضل ومستحب صيام يوم قبله أو يوم بعده كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • أو صيام اليومين معًا يوم قبل (اليوم التاسع) ويوم بعد (اليوم الحادي عشر) مع صيام يوم عاشوراء.

اقرأ أيضًا: معلومات عن ليلة القدر

فضل صيام يوم عاشوراء

كما نعرف جميعًا أن السنن مستحبة وفضلها وثوابها كبير.. وبصفة عامة فإن الصيام له فضل عظيم وخص الله -عز وجل- به عباده كما ذكر في القرآن والأحاديث الشريفة.

  • ثبت في البخاري (1894)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي”.
  • إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ”.
  • إن الله أعد لأهل الصيام بابًا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ”.
  • من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا”.

بصفة خاصة صيام يوم عاشوراء فهو كفارة لذنوب سنة ماضية، كما جاء في الأحاديث:

  • عن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – قال: “صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة” رواه النَّسائي في السّنن الكبرى.
  • عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: “ما رأيت النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يتحرّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني شهر رمضان” رواه البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وأحمد.

الأعمال المستحبة في يوم عاشوراء

كما تحدثنا في الفقرات السابقة عن يوم عاشوراء ولماذا يصوم المسلمون يوم عاشوراء هناك الكثير من الأعمال المستحبة في مثل هذا اليوم.

  • أفضل الأعمال هو الاقتداء بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصيام في مثل هذا اليوم وصيام يوم قبله ويوم بعده.
  • من الأعمال المستحبة قراءة القرآن والذكر والتسبيح والدعاء.
  • لمّ شمل الأهل والعائلة وجمعهم على الإفطار مما ينشر روح المحبة ويعزز ارتباط العائلة ببعضها.
  • يغرس في الأطفال فضل هذا اليوم العظيم.
  • التصدق وإطعام المساكين إذا كان ذلك في المقدرة.

اقرأ أيضًا: قصة رأس السنة الهجرية

مراتب صيام يوم عاشوراء

وفقًا للأحاديث، فإنّ مراتب صيام يوم عاشوراء ثلاثة مراتب: حيث قال ابن القيم: (فمراتب صومه ‏ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التّاسع والعاشر، وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصّوم. وأمّا إفراد التاسع، فمن نقص ‏فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشّرع) زاد ‏المعاد لابن القيم، كما أنّ ابن حجر قد ذكر هذه المراتب في كتابه فتح الباري.. وذلك الحديث يوضح أن:

  • المرتبة الأولى هي صيام يوم عاشوراء مع يوم قبله ويوم بعده.
  • تليها المرتبة الثانية وهي صيام يوم قبله مع صيام يوم عاشوراء (تاسوعاء وعاشوراء).
  • المرتبة الثالثة هي صيام يوم عاشوراء فقط.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يقدرنا ويقدر الجميع على صيام يوم عاشوراء.. اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسنته للاستفادة من فضل وثواب هذا اليوم.