لعل البعض يتساءل ماذا يحدث للميت بعد 40 يوم من وفاته؟ ومتى يزور الميت أهل بيته؟ وهل حقًا تصعد روحه إلى السماء؟ ذلك أن الموت آتٍ لا محاله، لذلك يثير فضول المرء لأنْ يعلم ماذا يحدث بعد وفاته؟ وما هو شعوره في القبر ونحو ذلك، ويمكن الإجابة على ذلك من خلال موقع سوبر بابا.

ماذا يحدث للميت بعد 40 يوم من وفاته

إن الموت علينا حق، ومهما عاش المرء فهو يعلم أنه في يوم سيكون تحت التراب فلا باقٍ إلا وجهه سبحانه وتعالى، وهذا ما أخبرنا به الله عز وجل في القرآن الكريم، حيث قال: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)

فلا يعلم أحد ما هو ميعاد أجله، ولا يعلم بأي أرض يموت، لكنه موقن بالموت، بينما ينتابه تساؤل حول ماذا يحدث للميت بعد 40 يوم من وفاته؟ هل يسمع من حوله ويشعر بهم؟

يقال إن الإنسان بعد أول ثلاثة أيام من وفاته يبدأ يجده في التحلل فتنفجر رأسه، وبعد مرور عشرة أيام من وفاته تنفجر معدته، وأنه عندما يُكمل 40 يومًا يكون قد انفجر جميع أجزاء جسده ولكن هذا الكلام لا أساس له من الصحة.

حيث إن أهل العلم والفقهاء بعد الرجوع إلى كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد قالوا: أن الإنسان حينما يدفن في قبره ويتولى عنه جميع أهله ورفاقه، فإنه تعود إليه الروح ويشعر بهم ويسمعهم، ولكن رجوع الروح إلى جسده ليست كما كان في الدنيا.

فهو يعيش ما يسمى بحياة البرزخ، وهي وقت بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، لكنه بتلك الروح يشعر بالنعيم والعذاب، ولكن الإنسان يعيش في البرزخ بكيفية يعلمها الله عز وجل.

كما يمكن أن يستدل على حياة البرزخ بقول الله عز وجل في القرآن: حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)“.. ومنها يتبن لنا أن الروح تخرج من الجسد في حالتين.

  • إما عند النوم فتسحب روح الإنسان من جسده وتصعد إلى السماء، ثم تعود إلى صاحبها الذي لم يكتب الله له الموت بعد.
  • في حالة الموت، فالله عز وجل يقبض روح المرء من جسده، لكنها لا تعود إليه ثانية، وبذلك يكون قد توفاه الله عز وجل.

فيحدث للميت العديد من الأحداث منذ وفاته وبعدما تعود إليه الروح، ومن ذلك سؤال الملكين له عن ربه ودينه والنبي الذي بُعث فيه، ثم بناءً على جوابه إن كان رجلًا صالحًا فإنه يُنعّم في قبره.

أما إن كان العبد من الأشقياء في الدنيا فلن يوفقه الله عز وجل للإجابة على سؤال الملكين، وبالتالي فإنه يعذب في قبره إلى أن تقوم الساعة، وقد ثبت هذا كله بالآثار الواردة عن النبي صل الله عليه وسلم والتي منها ما رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، إذا فرغَ مِن دفنِ الميِّتِ وقفَ علَيهِ، فقالَ: استغفِروا لأخيكُم، وسَلوا لَهُ التَّثبيتَ، فإنَّهُ الآنَ يُسأَلُ.”

اقرأ أيضًا: أول ليلة في القبر

روح الميت بعد وفاته

إن الشريعة الإسلامية بيّنت لنا أن هناك أمور أخبر بها عباده وأحاط علمهم بها، وهناك أمور غيبية لا يعلمها إلا الله، ومن ذلك تفاصيل ما يحدث بعد الموت، فهناك منها ما قد أخبرنا بها، ولازال الكثير من الأمور التي في علم الله عز وجل، ومما قد أخبرنا الله عز وجل به هو ماذا يحدث للروح الإنسان من بعد وفاته.

وردت الكثير من الآيات التي تدل جميعها على أن الإنسان بعد وفاته فإن روحه تكون قد فارقت جسده، فإذا أمسكها الله فلا يقدر أحد على إرجاعها مرة أخرى، والدليل على ذلك قول الله عز وجل: “كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)

أيضًا قوله تعالى في سورة الزمر: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)

ففي تلك الآيات دلالة واضحة على أن الروح تسحب من الجسد عن الموت وتفارقه، لكنه بعدما يدفن الميت يعيد الله له الروح إلى جسده، لكنها ليست نفس روحه التي قد قبضها الله عز وجل، لا يعلم حقيقة تلك الروح إلا الله عز وجل.

اقرأ أيضًا: هل يفرح الميت بالدعاء له

نعيم الميت في القبر بعد وفاته

إن من أسباب حياة البرزخ التي يكون عليها الإنسان بعد وفاته هو عذابه أو نعيمه في القبر، ويحدث ذلك بناءً على عمل الإنسان في حياته، فإنه يأتيه ملكان، يسألانه عن ربه، وعن دينه، وما هو النبي الذي بُعث فيهم؟

فمن كان عمله صالح في الدنيا فإنه يُوفق للإجابة على سؤال الملكين، ومن كان مستحق للعذاب بسبب عمله في الدنيا فإنه لا يستطيع الإجابة على أي سؤال، وبالتالي يعذب في القبر بسبب عمله في الدنيا،

وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: إذا قُبِرَ الميتُ أتاه ملكانِ أسودانِ أزرقانِ، يُقالُ لأحدِهما المنكرُ والآخرُ النكيرُ فيقولانِ ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ؟ فيقولُ هو عبدُ اللهِ ورسولُه أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ فيقولان قد كنا نعلمُ أنك تقولُ هذا ثم يُفسحُ له في قبرِه سبعون ذراعًا في سبعينِ ثم يُنوَّرُ له فيه ثم يُقالُ نَمْ فيقولُ أرجعُ إلى أهلِي فأخبرُهم فيقولان نمْ كنومةِ العروسِ الذي لا يُوقظُه إلا أحبُّ أهلِه إليه حتى يبعثَه اللهُ من مَضجعِه ذلك

بذلك يتبين أن عمل الإنسان في الدنيا هو ما يهون عليه ظُلمة القبر، حيث أن الله عز وجل ينعم عليه ويوسع عليه قبره سبعين ذراعًا وينيره له، وعندما يجيب على سؤال الملكين يفتح له طريق مد البصر ويرى مقعده من الجنة، حتى أنه يتمنى لو أن الساعة تقوم الآن حتى يدخل الجنة وينعم فيها.

فقد دل على ذلك ما رواه أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “فيُقالُ له: انْظُرْ إلى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قدْ أبْدَلَكَ اللَّهُ به مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ قالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَيَراهُما جَمِيعًا. قالَ قَتادَةُ: وذُكِرَ لنا أنَّه يُفْسَحُ له في قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِراعًا، ويُمْلأُ عليه خَضِرًا، إلى يَومِ يُبْعَثُونَ.

اقرأ أيضًا: هل الزوج الميت يحس بزوجته

عذاب الميت في القبر بعد وفاته

عندما يعيش الإنسان حياته لاهيًا في الدنيا، ويجعل آخر همه الأخرة، ولا يكترث لما يصنع من ذنوب ومعاصي، ويبتعد عن فعل الطاعات، عليه أن يعلم أن عقوبة ذلك ستلاقيه في القبر قبل أن يلقى ربه يوم القيامة فيحاسبه الله على غفلته في الدنيا.

فإن الشقي بعد وفاته وعند سؤال الملكين له، لن يتمكن من الإجابة على سؤال الملكين، وبالتالي يحكم له بعذاب القبر ويرى بعينه مقعده في الجنة ثم يُخبر أنه قد أبدل به مقعدًا من النار جزاءً على عمله، ويضيق عليه قبره.

في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “وإن كان منافقًا قال سمعت الناسَ يقولون فقلت مثلَهم لا أدرِي فيقولان قد كنا نعلمُ أنك تقولُ ذلك فيُقالُ للأرضِ التئِمِي عليه فتلتئمُ عليه فتختلفُ أضلاعُه فلا يزالُ فيها معذبًا حتى يبعثَه اللهُ من مضجَعِه ذلك.”

كما يقال إن عذاب القبر يتفاوت من شخص لآخر حسب شدة ذنوبه وحسب عمله في الدنيا، فمن الناس من تخرج روحه برائحة نتنة لا تتحملها الملائكة عندما تصعد تلك الروح إلى السماء، ولا تُفتح لها أبواب السماء، فتعود إليه روحه، وبعد سؤال الملكين له فإنه يضيق عليه في قبره، ويرى جهنم من فتحة قد فُتحت له، فيصبح قبرة حفرة من حفر النار، ويظل يعذب عذابًا شديدًا إلى قيام الساعة.

فيتبين لنا أن العبد إن كان مستحقًا لعذاب الله في قبره فإنه يعذب، سواء مات ودفن أو حرق أو غرق في البحر وتُحلل، فبكيفية يعلمها الله فإنه ينال عذاب القبر قبل الوقوف بين يديه للحساب، وكذلك إن كان قد كتب له النعيم في قبره، فإنه يُنعم مهما كان وضع الميت عند وفاته.

على المسلم أن تكون علاقته بربه مبنية على الخوف والرجاء، خوف من غضبه ورجاءه بأن الله عزو جل رحيم حليم غافر الذنب وقابل التوبة.