ما هي الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن؟ وما فضلها؟ جاء في بعض مواضع القرآن الكريم والأحاديث النبوية لفظ الباقيات الصالحات، فاختُلف في تفسيرها.. لذا كان لا بُد من تناول ذاك الاختلاف عبر موقع سوبر بابا علّه يكون سببًا في التحفيز على أدائها والمواظبة عليها؛ لما لها من أثر عظيم يعود على المسلم.

ما هي الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن؟

ذكر لفظ الباقيات الصالحات في مواضع في القرآن الكريم، فجاء قوله تعالى: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً” (سورة الكهف: 46)، وكذلك قوله تعالى: “وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًا” (سورة مريم: 76) فما هي الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن؟

اختلفت الأقوال، فمنهم القائل إنها الصلاة والصيام، ومنهم من قال إنه الحج، وآخرين قالوا الذكر: “سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر“، أو الكلام الطيب.. ورأى بعض العلماء أنها كافة الأعمال الصالحة،

لما روي عن علي بن أبي طلحة: أن ابن عباس -رضي الله عنه- قال عن “الباقيات الصالحات”: “هي ذكر الله، قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، وتبارك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله، وصلى الله على رسول الله، والصيام، والصلاة، والحج، والصدقة، والعتق، والجهاد، والصلة، وجميع أعمال الحسنات، وقد اتفق الجمهور على أن المقصود بها في الآيات الذكر.

اقرأ أيضًا: فضل لا حول ولا قوة الا بالله للزواج

ما هي الباقيات الصالحات بعد الصلاة؟

إن الباقيات هي الأعمال والأقوال الصالحة التي يؤجر عليها العبد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: “التكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ولا حول ولا قوة إلا بالله”، فهل الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن هي نفسها الأذكار التي نُرددها بعد كُل صلاة؟

حثنا الرسول على ترديد الأذكار بعد الصلاة استحبابًا؛ لما لها من فضل وأجر عظيم، كما جاءت الكثير من الآيات التي تُشير إلى فضلها في القرآن الكريم؛ فهي أحد أو كل الباقيات الصالحات التي وردت فيه، لذا لزم علينا اتباع سنة الرسول في ترديد الأذكار بعد الصلاة.

  • الحمد: “الحمد لله”، فهو الوحيد المُستحق الحمد.. وهي من الألفاظ التي تدل على الشكر والامتنان، والشعور بما أنعم الله به على الإنسان من عظيم فضله.
  • التكبير: “الله أكبر”، وهي من الأقوال العظيمة التي لها فضل كبير في الإسلام.. فهي التي نبدأ بها الصلاة ولا تُعد صحيحة دونها.
  • التسبيح: “سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم”، أو “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” وقد ورد في القُرآن الكريم أنها سبب في النجاة والتخلص من الشدائد، قال تعالى: فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” (سورة يونس: 144).
  • الحوقلة: “لا حول ولا قوة إلا بالله”، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ)، فهي تعني التسليم التام لما أمر الله به والرضا بقضائه، وأنه وحده القادر على كُل شيء.
  • التهليل: “لا إله إلا الله”، فهي أساس الإسلام.. ولا يُمكن للشخص أن يكون مُسلمًا دونها فتوحيد الله وعبادته وحده دون شريك أمر لازم.   

اقرأ أيضًا: اللهم لا تدع لنا حاجة من حوائج الدنيا

لماذا سميت الباقيات الصالحات هكذا؟

إن الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن كالشجرة المُثمرة التي يكتسب بها العبد الثواب ويحصد ثمرتها في الآخرة، ومهما اختلف فيها العُلماء إلا أن جميعها يدل في النهاية على أعمال صالحة، مهما كان نوعها، سواء كانت فعل أو قول، إلا أنها على الأغلب تكون في القول؛ لما ورد في الأحاديث الشريفة في تفسيرها.

فما يبقى للإنسان بعد وفاته هي أقواله الصالحة التي كان يتفوه بها في الدُنيا، فهي من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، وهي التي يستمر بها الأجر والثواب بعد وفاته فلا ينقطع.

اقرأ أيضًا: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

فضل الباقيات الصالحات

معرفة ما هي الباقيات الصالحات التي ذكرت في القرآن يستدعي ذكر فضلها؛ والذي كان سببًا في حث الله ورسوله لنّا على ترديدها والإكثار منها، فلها فضل وثواب عظيم يعود على الإنسان في الدُنيا والآخرة.

  • التقرب من الله واكتساب محبته، وهو أحد الأسباب لسعادة العبد في الدارين.. وفي القرب من الله زيادة التزام بالطاعات وتجنب المعاصي والذنوب.
  • تستغفر الملائكة لمُرددي الأذكار.
  • إن في ذكر الله راحة وطُمأنينة للقلب، فبها يركن العبد جوار ربه وتسكن روحه، قال تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (سورة الرعد: 28).
  • سبب في إجابة الدعاء، لحديث عن الرسول لما أتاه أعرابي يسأله عن ذلك، فقال له: قُلْ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ”، قَالَ: فَعَقَدَ الْأَعْرَابِيُّ عَلَى يَدِهِ، وَمَضَى فَتَفَكَّرَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “تَفَكَّرَ الْبَائِسُ”، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَا أَعْرَابِيُّ إِذَا قُلْتَ: سُبْحَانَ اللهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ، وَإِذَا قُلْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ اللهُ: صَدَقْتَ….”.
  • من أفضل الأذكار وأحبها إلى الرسول، فعن أبي هريرة، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ” (رواه مسلم).
  • سبب في دخول الجنة، والعتق من النار في الآخرة، روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله قال: “خُذُوا جُنَّتَكُمْ”، قَالُوا: “يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: “لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ” (أخرجه النسائي).
  • تغرس لصاحبها نخلة في الجنة، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-:لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ (رواه الترمذي).
  • إن كثرة التسبيح وترديد الباقيات الصالحات التي حثنا الرسول عليها، تذكر مُرددها عند الله، لما ورد في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، يَنعَطِفْن حول العرش لهنّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحل، تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يذكر به”.
  • أفضل ما يُردده العبد، فيُقربه من ربه، فهو من أفضل الكلام وأحبه عند الله، لحديث سمرة بن جندب، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْت” (رواه مسلم).
  • في ترديد الباقيات الصالحات مغفرة الذنوب، حيث يمحو بها الله كافة الذنوب، ويُكفر عن السيئات، لحديث أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي قال:من سبح الله تعالى دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر(رواه مسلم).

بذكر الله تحلّ علينا البركة في الحياة؛ فيجب علينا الالتزام به والمداومة عليه، فالمُسلم الحق لا يغفل عن ذكر ربه مهما كانت مشاغله.