هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم؟ وما حكم عدم صيامه أو صلاته؟ فإن الوعي في مجتمعنا بخصوص الأمراض النفسية يكاد يكون منعدم، فمن الناس من يكون مصابًا بمشكلة نفسية ولا يتمكن من فهم ذلك هو أو أهله، وعليه يكون التعامل بشكل سيء خاصةً في الأمور الدينية مما يزيد من خطورة الوضع، لذا فيما يلي نتحدث بذلك الصدد عبر موقعنا سوبر بابا.

اضطراب ثنائي القطب ليس جنونًا

إن الاضطرابات النفسية تُشكّل تحديًا كبيرًا في حياة المرء، فهناك ما يقرب من مليار شخص مُعرضَا لها حول العالم، ويعد اضطراب ثنائي القطب واحد من تلك الاضطرابات النفسية المنتشرة، والتي تؤثر على حياة فئة كبيرة من الناس.

يكون المصاب بمرض ثنائي القطب متقلب المزاج بشكل شديد ومبالغ فيه، كما يكون أكثر عُرضة للاكتئاب والخمول عن أداء المهام المطلوبة منه في اليوم، بالإضافة إلى مصاحبة تلك الأعراض الحزن والأسى وفقدان الطاقة أو “الشغف” كما يقال.

الجدير بالذكر هنا التوضيح لشق هام ألا وهو الإجابة عن سؤال هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم، فإن المجنون وفقًا لما جاء في السيرة النبوية لا يُطلب منه أداء العبادات ولا يتواجد له حساب أو عقاب، أي لا يؤخذ عليه الإثم للعصيان أو تركه الواجبات.

عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ:

“رفع القلمُ عن ثلاثةٍ عن الصبيِّ حتى يبلغَ والمجنونِ حتى يُفيقَ والنائمِ حتى يستيقظَ” [صحيح بن حزم].

الإجابة عن سؤال هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم لا يمكن تحديدها بنعم أم لا، حيث إن المريض بذلك الاضطراب يأتيه نوبات مختلفة الأوقات وهي ما تفقده عقله وقدرته في ذلك الوقت.

أما دون وقت تلك النوبات فإنه يكون عاقل وواعي لما يقوم به وقادر على أداء الفروض، وترك المعاصي وأداء الواجبات، وفي تلك الحالة يكون عليه إثم إن ارتكب أي منها وهو في وعيه.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع أوميغا 3 للاكتئاب

ثنائي القطب والإفاقة من النوبة

من ضمن ما أوضحه الفقهاء واختصاصي الصحة النفسية بخصوص مريض ثنائي القطب أن مرضى ثنائي القطب عليه في حالة الإفاقة وإدراك ما قام به أن يتوب إلى الله تعالى، ويحاول التكفير عن تلك الأمور التي قد ارتكبها، وفي حالة لم يكن يدرك فعليه أن يتوب كذلك إلى الله تعالى ولا يؤخذ عليه إثم.

التكليف بالعبادة على من لم يغب عقله

من النقاط الهامة الواجب تناولها في أثناء الحديث حول إجابة سؤال هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم أنه من الواجب التنويه على أن الشخص الذي لديه اضطرابات نفسية ما إن كان في حالة من الخمول والاكتئاب وغير قادر على أداء العبادات ولكن عقله يستوعب ما يحدث ولم يغب فإنه يكون مُكلّف.

أي أن حالة العجز عن أداء العبادات لا ترفع إثم تركها من عليه، فعليه أن يقوم بأدائها على الوجه الذي يستسيغه، فمثلًا الصلاة من الممكن أدائها وهو جالس إن كان لا يتمكن من القيام.

اقرأ أيضًا: كيف يفكر مريض الفصام

الصيام ومريض ثنائي القطب

قد يكون شهر رمضان المبارك نقطة بداية في التغير بحياة مريض ثنائي القطب، أو فهم طبيعة العبادات التي يكون مُكلّف بها حتى في مرضه أو التي تسقط عنه، فمن العبادات التي لا يقوى بعض المرضى النفسيين على أدائها وفي تلك الحالة من الممكن أن تسقط عنه العبادة على أن يقوم بالكفارة كالفدية بإطعام مساكين.

فإن كانت مشكلة مريض ثنائي القطب أنه يعاني من الاكتئاب والانعزال، فإن الأدوية والعلاجات التي يتناولها قد تتسبب في الخلل بشهيته بشكل أكبر من المعتاد، وهو ما يسيء الحالة الصحية ولا يأمر به الله تعالى.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الذهان والفصام

علاجات ثنائي القطب وتأثيرها على العبادة

إن الأمراض النفسية تختلف في حدّتها من شخص لآخر، ولهذا فعلى الآباء والأهل مراعاة ذلك في التعامل مع المرضى وتفهم أنه من الممكن للمرض النفسي ألا يجعل الشخص قادرًا على أداء أي من العبادات.

فمثلًا الأدوية المضادة للذهان والاكتئاب التي يتناولها مريض ثنائي القطب لأجل التخلص من الأعراض المؤرقة التي يدّعي فيها أنه شخص مهم أو نبي مرسل وغيرها من علامات الهلاوس الحادة تجعله يخمل وينام كثيرًا.

ذلك ما لا يجعله قادرًا على أداء أي من الصلوات في وقتها أو إدراك معنى الصلاة لغياب عقله، وفي تلك الحالة تكون الإجابة عن سؤال هل مريض ثنائي القطب مرفوع عنه القلم هي نعم.

كذلك فإن تلك الأدوية ما إن تم الصيام في وقت تناولها قد تتسبب للمريض في التعرض لأذى الإصابة بحصوات الكلى أو الفشل الكلوي، وهو ما لا يكون محتملًا له في تلك الفترة بالأخص، لذلك ينبغي تعويض تلك الأيام بدفع الفدية وألا يقوم بالصيام.

إن المرضى النفسيين أو مرضى ثنائي القطب من الناس المرفوع عنهم القلم في حالة تناول الأدوية أو وقت النوبة التي تتسبب في ذهاب العقل وغيابه، وينصح بالمتابعة مع طبيب نفسي وعدم لومهم والدعاء لهم بالشفاء.