من هو سيد القراء؟ ولماذا لُقب بهذا الاسم؟ ذلك أن صحابة رسول الله كانوا يلقبون بألقاب نظرًا لمكانتهم عند الله عز وجل، ومن تلك الألقاب سيد القراء، ومن خلال موقع سوبر بابا يمكن معرفة هذا الصحابي الذي لقب بسيد القراء.

من هو سيد القراء

كان لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة وقدر كبير، فكان منهم من بشّره الله عز وجل بالجنة، لمكانته وأثره العظيم في إعلاء هذا الدين، وقد لقب الصحابة رضوان الله عليهم بألقاب عدة، مثل سيف الله المسلول، وغسيل الملائكة، وسيد القراء، وفيما يلي بيان من هو سيد القراء:

هو: أبي بن كعب بن كعب بن قيس، يُكنى بأبي المنذر، وأبي الطفيل، هو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو قارئ وفقيه، وكاتب من كتاب الوحي، كان من الأربعة الذين جمعوا القرآن الكريم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

شهد الغزوات كلها مع رسول الله، وشهد بيعة العقبة الثانية، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين طلحة بن عبيد الله، وكان من رواة الحديث، وقد روى عنه كثير من الصحابة مثل عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك وسهل بن سعد وغيرهم.

تحدث الصحابة في وصفه فقالوا إن أبي بن كعب كان أبيض الرأس واللحية، كما أنه لم يكون طويلًا ولا قصيرًا بل كان معتدلًا.

فإن كنت تتساءل من هو سيد القراء، فيكفي أن تقرأ سيرة أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه.

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

جمع أبي بن كعب القرآن

كان أبي بن كعب من أفصح العرب في الجاهلية قبل الإسلام، ولذلك اختاره النبي صلى الله عليه وسلم من أجل كتابة الوحي، وكان أول كاتب للوحي من الأنصار، وقد جمع أُبي بن كعب القرآن في حياة الرسول، فكان من الأربعة الذين جمعوا القرآن الكريم.

أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو أنه قال: خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ – فَبَدَأَ به -، وسَالِمٍ، مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.

حيث إنه بفضل القرآن قد ازداد رفعة وشرفًا في الدنيا والآخرة.. كما أن الله عز وجل قد بلغ نبيه أن يقرأ على أبي بن كعب، والدليل على ذلك ما رواه أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لأُبَيٍّ: إنَّ اللهَ قد أمَرَني أنْ أُقْرئَك القرآنَ. قال: آللهُ سَمَّاني لك؟ قال: نعَمْ، فجعَلَ يَبْكي.”

فكل ذلك إنما يدل على شدة حرص أبي بن كعب على تعليم القرآن وكرس حياته من أجل كتابته وجمعه وتلاوته، ولذلك نال هذا الشرف، وتلك الرفعة والمكانة، أن سماه الله عز وجل بسيد القراء، وعندما علم بذلك بكى من شدة فرحه.

كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أرحمُ أمَّتي بأمَّتي: أبو بَكْرٍ، وأشدُّهم في أَمرِ اللَّهِ عُمرُ، وأصدقُهُم حياءً عثمانُ، وأقرؤُهُم لِكِتابِ اللَّهِ أبيُّ بنُ كعبٍ، وأفرَضُهُم زيدُ بنُ ثابتٍ، وأعلمُهُم بالحلالِ والحرامِ معاذُ بنُ جبلٍ ألا وإنَّ لِكُلِّ أمَّةٍ أمينًا وإنَّ أمينَ هذِهِ الأمَّةِ: أبو عُبَيْدةَ بنُ الجرَّاحِ”.

رواية أبي بن كعب للحديث

على الرغم من أن أبي بن كعب كان من كتاب الوحي، وكان سيد القراء إلا أنه كان له حظًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، وذلك لأنه لازم النبي كثيرًا وأخذ عنه الكثير من الأحاديث.

كما روى عنه الكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل أبناءه الطفيل ومحمد وعبد الله، وكذلك عبادة بن الصامت وعبد الله بن عباس وأس بن مالك وغيرهم الكثير.

كما قال عنه أهل الحديث إنه قد روى عنه الجماعة قرابة الستين حديث، كما له في البخاري ثلاثة، وفي مسلم سبع أحاديث، ونحو 164 حديثًا في مسند بقي بن مخلد.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته وما الدليل على ذلك

منزلة أبي بن كعب في الإسلام

كانت لسيد القراء والمسلمين أبي بن كعب مكانة كبيرة بين المسلمين، وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تدل على قدره ومنزلته، ويمكن أن نذكر منها ما يلي:

  • ما رواه أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ. قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ.

فعلى الرغم من علم أبي ومعرفته عما سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يجبه تأدبًا وتعظيمًا له، وقد دعا له النبي بأن يهنأ من العلم ويرسخ في عقله.

  • كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قالَ عُمَرُ: أُبَيٌّ أقْرَؤُنا، وإنَّا لَنَدَعُ مِن لَحَنِ أُبَيٍّ، وأُبَيٌّ يقولُ: أخَذْتُهُ مِن في رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا أتْرُكُهُ لِشيءٍ، قالَ اللَّهُ تَعالَى: {ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بخَيْرٍ مِنْها أوْ مِثْلِها} [البقرة: 106].

بذلك قد بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أبي بن كعب كان أكثر الصحابة قراءة وحفظًا وفهمًا للقرآن الكريم، ولذلك كان يلقب بسيد القراء، وكان البعض يلقبه بسيد المسلمين.

  • كما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو يخطب: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني; فإن الله جعلني له واليا وقاسما.

ذلك لأن أُبي بن كعب رضي الله عنه كان أحفظ الصحابة للقراء وأفهمهم به وأكثرهم تلاوة له.

بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أبي بن كعب قد تفرغ للعبادة، وقد كان الناس يعلمون من هو سيد القراء، نظرًا لدوره الكبير في حفظ القرآن وجمعه، وتعلمه، وتلاوته، ولذلك عندما وجد حاجة الناس إليه، أخذ يعلمهم القرآن.

  • كان مسروق بن الأجزع يقول: “انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر وعلي وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود.”

اقرأ أيضًا: من هو أسد الله ولماذا سمي بهذا الاسم

وفاة أبي بن كعب

قد قيل إنه مرض مرضًا شديدًا في آخر أيام حياته، حتى أن الصحابة عادوه في مرضه، وعندما أقيمت صلاة الفجر أخبرهم أن يذهبوا فيصلوا.

فروى لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ هاتينِ الصَّلاتينِ أثقَلُ الصَّلواتِ على المُنافقينَ، ولو تعلَمونَ ما فيهما لأتيتُموهما، ولو حبوًا على الرُّكَبِ“.

ثم دعا أبي بن كعب فقال: اللهم إنّي أسألك أنْ لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبي بن كعب حتَّى يلقاك، لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك”.

يروى أنه قد مات بسبب مرضه، واختلفوا في وفاته، فقيل إنه توفي بالمدينة المنورة سنة 22 هجريًا، وقبل سنة 32هـ، وقيل 30هـ وهذا هو أرجح الأقوال.

يذكر أنه عند وفاته كان الناس يموجون، فقد كان عتي بن ضمرة حاضرَا يوم وفاته فقال: رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: «ما شأن هؤلاء؟»، فقال بعضهم: «ما أنت من أهل البلد؟!»، قلت: «لا»، قال: «فإنه قد مات اليوم سيد المسلمين، أبي بن كعب”.

إن للقرآن أثر عظيم على صاحبه، فإن أخذه والحرص على تعلمه وتلاوته فيه بركة لو وزعت على العالم لكفته، فما من طالب للقرآن وقارئ له، إلا وقد لمس نفحاته، وتعلم من آياته، وكان له حظًا من بركته في حياته قبل مماته.