من هو لقمان الحكيم هل هو نبي؟ وهل كان لقمان عربيًا أم عبريًا؟ تلك الأسئلة عادًة ما تدور حول قصة وشخصية لقمان، الذي ذكر في القرآن بالتعظيم ووصف بالحكمة، وله سورة كاملة باسمه في القرآن، لذا سنجيب من خلال هذا الموضوع عبر موقع سوبر بابا عن سؤال من هو لقمان الحكيم هل هو نبي؟ بشيء من التفصيل.

من هو لقمان الحكيم هل هو نبي؟

إن كنت تبحث عن الإجابة المباشرة عن السؤال من هو لقمان الحكيم هل هو نبي فهي لا، لقمان الحكيم ليس نبيًا، إنما هو رجل صالح وليس نبي.

 هو لقمان بن ثاران، هو رجل عاش حكيم عاش في بلاد النوبة، ولقد كان ينتمي إلى أهل منطقة يقال لها أيلة، ولقد عرف بين قومه وعشيرته بالحكمة والتواضع والصلاح والورع في العبادة، كما وردت بعض الأقاويل أن لقمان الحكيم نصب كقاضٍ على بنو إسرائيل في عهد النبي داوود عليه السلام.

لقد سُئل لقمان الحكيم ذات مرة ما الذي أوصله إلى تلك المكانة الكبيرة، وما الذي صيره سيدًا محبوبًا وسط قومه بالرغم من أنه كان عبدًا حبشيًا أسود البشرة يعمل في رعي الغنم، فأجاب عن ذلك قائلًا:

“إنّما بلغت ذلك بغضي بصري، وكفّي لساني، وعفّة مطعمي، وحفظي فرجي، وقيامي بعدّتي، ووفائي بعهدي، وإكرامي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني؛ فذاك الذي صيّرني”

ولقد أكد على ذلك قول الله تعالي (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [سورة لقمان، الآية رقم 12]

اقرأ أيضًا: من هو ذو القرنين المذكور في سورة الكهف

وصايا لقمان الحكيم

إن سورة لقمان يتجلى فيها أمران واضحان للعيان، الأول وهو حكمة لقمان البالغة، والأمر الثاني فيتمثل في كونه عابدًا تقيًا صالحًا في المقام الأول، ثم أبًا حنونًا في المقام الثاني.

لقد ورد في سورة لقمان ثمان وصايا منه لابنه وللناس من بعده، وتلك الوصايا هي التي سنعرضها في الفقرات التالية والتي هي بالعناوين المتمثلة بالآيات القرآنية نفسها.

1- عدم الشرك بالله

“يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ”

لقد أشار لقمان الحكيم هنا إلى أن التوحيد والإيمان بالله وحده هو الغاية والمبتغى الرئيسي للإنسان في الحياة، فمن ضل الطريق وكفر أو أشرك بالله فقد ظلم نفسه في دنياه وآخرته، وله عند الله عذاب عظيم.

2- بر الوالدين

 “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”

الوصية الثانية التي اشتملت عليها سورة لقمان هي ضرورة بر الوالدين، لأن في طاعتهما بشكل مباشر طاعة بصورة غير مباشرة لله سبحانه وتعالى، فنيل رضاهما يضمن نيل رضا الله عليه.

لقد أوضح ذلك من خلال ذكر المشقة والتعب الذي تعانيه الأم في حمله ووضعه، وما يعانيه الأب في تربيته وتنشئته، وفي تلك الآية تقديم لدور الأم على دور الأب، وأولويتها في الاهتمام والرعاية والبر والطاعة.

3- الله يراقبك أينما كنت

 “يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير”

إن في هذه الآية تحذير صريح للإنسان، لكيلا يظن أنه سيغيب ولو لوهلة عن ناظري الله تعالى، لذا قد ضرب لقمان المثل في تلك الآية لتوضيح هذا الأمر، وشبه الإنسان هنا بالبذرة الضئيلة التي قد تتواجد في جوف الأرض، أو الصخرة أو أي مكان بعيد أو عميق، في كل تلك الأحوال فإن الله يراها ويسمعها ويراقبها باستمرار.

4- المحافظة على الصلاة في أوقاتها

“يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ

أكد لقمان الحكيم في تلك الآية أو الوصية على ضرورة الالتزام بالصلوات، والعبادات الخالصة لوجه الله وأداء الفروض بأكملها دون نقصان.

5- الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

“وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور

لقد أوصى لقمان الحكيم ابنه في تلك الوصية، بأن يسعى بكل جهده دومًا من أجل الأمر بما هو خير والنهي عما هو شر، وكل ذلك بهدف صلاح المجتمع وثبات بنيانه وصلاح أحوال الشخص ذاته أيضًا، وفي ذلك لمحة ولمسة من الرقي المجتمعي الذي إذا سارت عليه الأمم ما بادت أبدًا.

6- البعد عن صفة التكبر والغرور

“وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ

لقد أكد لقمان الحكيم على أن تشمل وصاياه الموضوعية لابنه، على الغض عن صفة الغرور والتكبر، لذا وصفها بوصف دميم وشبهها تشبيهًا سيئًا، وذلك لأن الصعر هو أحد الأمراض التي تصيب الماعز والإبل، وينتج عنه التواء عنقها إلى أحد الجوانب، فكان التأكيد بهذا التشبيه دليلًا على مدى نفور الناس من الشخص المتكبر وكرههم له.

7- الاعتدال في المشي

“واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ

إن هذه الآية أو تلك لوصية لم يعن بها لقمان الحكيم أن يعتدل الشخص في طريقة سيره أو مشيه فقط، ولكنها تحمل معنًا أوضح من الظاهر لها، فلقد عنى بها على ضرورة اعتدال الشخص وأخذه بمبدأ الوسطية في شتى أمور حياته بصفة عامة.

8- خفض الصوت في الطرقات

“وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ

جاءت الوصية الثامنة والأخيرة من وصايا لقمان الحكيم، لكي تؤكد على حقيقة أن الشخص السوي الواثق بنفسه يجب أن يخفض صوته عندما يتحدث، كما أوضح مدى نفور الناس من الشخص ذو الصوت العال، وشبه نفورهم منه بنفورهم من صوت نهيق الحمار والذي يعد أسوأ الأصوات التي يمكن للإنسان سماعها على الإطلاق.

كما أوضح لقمان الحكيم في تلك الوصية أن الشخص ذو الحجج الضعيفة الواهية هو فقط من يرفع صوته، وهذا ليغطي على موقفه ومكانته الحرجة أمام من يتحدث إليه، كما تشير تلك الوصية إلى ضرورة الهدوء والتعقل والتريث عند الكلام، لأن هذا الهدوء سوف يصل بالشخص إلى حالة من الثبات القوي والثقة البعيدة بالنفس.

من خلال الإجابة عن سؤال من هو لقمان الحكيم هل هو نبي، يمكننا استنتاج أن هذا الرجل الذي قطن بلاد النوبة، ينتمي إلى أصول عربية ولقد تعدت شهرته حتى بلغت موضع بنو إسرائيل.