هل يجوز تربية الكلاب الصغيرة في الإسلام؟ وهل فعلًا تنقُض الوضوء؟ تُعد الكلاب من الحيوانات الأليفة التي يعشق الكثيرون تربيتها في المنزل، وهي أول الثدييات التي استطاع الإنسان ترويضها، كما أن لها استخدامات عديدة قديمًا في الصيد، ولها دور في الرعي، ومساعدة رجال الشرطة، ولكن ما هو رأي الإسلام في تربيتها؟ هذا ما نوافيكم إيّاه، من خلال موقع سوبر بابا.

هل يجوز تربية الكلاب الصغيرة في الإسلام؟

إذا أراد الإنسان تربية كلاب صغيرة تحديدًا فعليه أن يهتم بها ويعلمها من الصغر كيفية قضاء حاجتها لكيلا تُسبب له أي إزعاج في المنزل، ثم يقوم بتحديد مكان مخصص له، وتكمُن الإجابة على سؤال هل يجوز تربية الكلاب الصغيرة في الإسلام في الأقوال الواردة في السُنة النبوية والقرآن الكريم:

  • قول ابن قدامة عن أبو هريرة-رضي الله عنه- قال، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أوْ صَيْدٍ أوْ زَرْعٍ انْتُقِصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ” (رواه مسلم).
  • عن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من اقتنى كلبا، إلا كلب صيد، أو ماشية، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان” (صحيح البخاري).
  • (ويسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۙ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ۖ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) “المائدة: 4” تشير الآية السابقة إلى جواز بيع الكلاب وتدريبها وتعليمها.
  • قال الشافعي-رضي الله عنه- في أشهر كتبه (المختصر) إنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لصيد، أو ماشية، أو زرع.
  • قال ابن نجيم في كتابه البحر الرائق إن الانتفاع بالكلب للحراسة، والصيد جائزًا، لكن لا ينبغي أن يتم أخذه في الدار، إلا في حال الخوف من اللصوص.

يمكن الاستدلال على حكم تربية الكلاب الصغيرة في المنزل مما سبق على أنه غير جائز، تصديقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولا تَصاوِيرُ” (رواه البخاري).

اقرأ أيضًا: أسماء الشياطين وصفاتهم ووظائفهم

هل يعتبر الكلب نجس؟

اجتهد العلماء في الإجابة على تساؤل هل يجوز تربية الكلاب الصغيرة في الإسلام؟ وقاموا بتوضيح بعض الآراء حول أمر نجاسة الكلاب، وكانت الآراء هي:

  • قال الإمام النووي في كتابه (المجموع): “مَذْهَبُنَا أَنَّ الْكِلَابَ كُلَّهَا نَجِسَةٌ الْمُعَلَّمُ وَغَيْرُهُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حنيفة وأحمد وإسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَدَاوُد هُوَ طَاهِرٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِهِ تَعَبُّدًا وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِقَوْلِ الله تعالى “فكلوا مما أمسكن عليكم” (سورة المائدة: 4).
  • عن ابن عمر-رضي الله عنهما قال- قال رسول الله-صلى لله عليه وسلم-: “كَانَتْ الْكِلَابُ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ” (صحيح البخاري).
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- “طهور إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أو لا هن بِالتُّرَابِ” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
  • فِي رِوَايَةٍ لَهُ (طُهْرُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ)، ومعنى هذا الحديث أن فم الكلب يعتبر نجس، ويجب غسل الإناء سبع مرات مِن ولوغ الكلب، ويجب أن يكون الترتيب في الغسلة الأولى.

اقرأ أيضًا: معنى الإسلام لغة واصطلاحًا

الكلاب ونقض الوضوء

تعددت آراء الأئمة المالكية والشافعية والحنابلة وكذلك الجمهور في أمر جواز تربية الكلاب الصغيرة، ومدى نقضها للوضوء.

  • رأي المالكية أن مسه لا ينجس اليد إذا كان بدون رطوبة، أما إذا كان مسه برطوبة فهذا يعتبر تنجيس اليد وهذا بآراء الكثير من أهل العلم، ويجب بعد ذلك غسل اليد سبع مرات، وتكون إحدى المرات بالتراب.
  • أما في مسألة شرب الكلاب من الأواني فإنه إذا ولغ الكلب في الإناء، أي إنه شرب منها، يجب غسل الإناء سبع مرّات إحداها.

تطهير الجسد والملابس من نجاسة الكلب

على الرغم من إن إجابة هل يجوز تربية الكلاب الصغيرة في الإسلام كانت التحريم، إلا أن العديد من الأشخاص يحاولون التحايل على الأمر؛ لحبهم الشديد للكلاب، ويعتبر لعاب الكلب هو مصدر أساسي لنجاسته، ويمكن تطهير الملابس والجسم منه باتباع:

  • رأي الشافعية والحنابلة، والذي يدور حول أنه من الأفضل التطهير باستخدام التراب في الغسلة الأولى؛ لأنه يأتي موافقًا للفظ الخبر.
  • ذهب الحنفية إلى وجوب الغسل ثلاث مرات دون تراب، فالأفضل هو اتباع رأي الأغلب وهو الشافعية والحنابلة لما تيسر له.
  • أما إذا لم يتيسر فيجوز اتباع مذهب الحنفية وهو غسله ثلاث مرات بغير ترتيب.

اقرأ أيضًا: حقوق الجار في الإسلام

حكم بيع الكلب في الإسلام

لم يتفق الأئمة على حكم بيع الكلاب في الإسلام، بالرغم اتفاق معظمهم على عدم جواز تربيته بالمنزل، وكانت أبرز الآراء هي:

  • اتفق الشافعية والمالكية على عدم جواز بيع الكلب لأي سبب من الأسباب امتثالًا لقول الرسول الكريم من نهيه صلى الله عليه وسلم- عن الانتفاع بثمن الكلب.
  • ذهب الحنفية إلى جواز بيع الكلب مطلقًا؛ لكونه مال منتفع به حقيقةً ولا ضرر في ذلك.

إن الكلاب من أكثر الحيوانات الأليفة التي يهتم الناس بتربيتها في المنزل، وعلى الرغم من مدى لُطفها وإخلاصها لصاحبها، إلا أن بعض الآراء كانت ضد تربيتها لنجاستها، والآراء الأخرى شرعتها بشروط.